صفحة جزء
[ ص: 13 ] فصل

نواقض الوضوء

وينقضه كل ما خرج من السبيلين ومن غير ( ف ) السبيلين إن كان نجسا ، وسال عن رأس الجرح ، والقيء ملء ( ز ) الفم ، وإن قاء دما أو قيحا نقض وإن لم يملأ الفم ( م ) ، وإذا اختلط الدم بالبصاق إن غلبه نقض ، وينقضه النوم مضطجعا ، وكذلك المتكئ والمستند والإغماء والجنون ، والنوم قائما ( ف ) وراكعا ( ف ) وساجدا ( ف ) وقاعدا ( ف ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ومس المرأة لا ينقض الوضوء ، وكذا مس الذكر ( ف ) ، والقهقهة في الصلاة تنقض ( ف ) .


فصل

نواقض الوضوء :

( وينقضه كل ما خرج من السبيلين ومن غير السبيلين إن كان نجسا وسال عن رأس الجرح ) لقوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) والغائط حقيقة المكان المطمئن ، وليست حقيقته مرادة فيجعل مجازا عن الأمر المحوج إلى المكان المطمئن ، وهذه الأشياء تحوج إليه لتفعل فيه تسترا عن الناس على ما عليه العامة ، حتى لو جاء من المكان المطمئن من غير حاجة لا يجب عليه الوضوء إجماعا ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : " الوضوء من كل دم سائل " ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : " من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ " الحديث ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : " يعاد الوضوء من سبع " وعد منها القيء ملء الفم ، والدم السائل ، والقهقهة ، والنوم .

ويشترط السيلان في الخارج من غير السبيلين ; لأن تحت كل جلدة دما ورطوبة ، فما لم يسل يكون باديا لا خارجا بخلاف السبيلين ; لأنه متى ظهر يكون منتقلا فيكون خارجا .

قال : ( والقيء ملء الفم ) لما تقدم وهو ما لا يمكنه إمساكه إلا بمشقة ، وإن قاء قليلا قليلا ، [ ص: 14 ] ولو جمع كان ملء الفم ، فأبو يوسف اعتبر اتحاد المجلس ; لأنه جامع للمتفرقات على ما عرف كما في سجدة التلاوة وغيرها ، ومحمد اعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان لأنه دليل على اتحاده ، وعند زفر ينقض القليل أيضا كالخارج من السبيلين وقد مر جوابه ، ولا ينقض إذا قاء بلغما وإن ملأ الفم ، وقال أبو يوسف : إن كان من الجوف نقض لأنه محل النجاسة فأشبه الصفراء ، قلنا البلغم طاهر ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذه بطرف ردائه وهو في الصلاة ، ولهذا لا ينقض النازل من الرأس بالإجماع ، وهو للزوجته لا تتداخله النجاسة ، وبقي ما يجاوره من النجاسة وهو قليل ، والقليل غير ناقض بخلاف الصفراء فإنها تمازجها .

( وإن قاء دما أو قيحا نقض وإن لم يملأ الفم ) وقال محمد : لا ينقض ما لم يملأ الفم كغيره من الأخلاط . قلنا المعدة ليست محلا للدم ، والقيح إما يسيل إليها من قرحة أو جرح ، فإذا خرج فقد سال من موضعه فينقض حتى لو قاء علقا لا ينقض ما لم يملأ الفم ; لأنه يكون في المعدة ، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - .

( وإذا اختلط الدم بالبصاق إن غلبه نقض ) حكما للغالب ، وكذا إذا تساويا احتياطا وإن غلب البصاق لا ; لأن القليل مستهلك في الكثير فيصير عدما .

قال : ( وينقضه النوم مضطجعا لما روينا ، وكذلك المتكئ والمستند ) لأنه مثله في المعنى . قال - عليه الصلاة والسلام - : " العين وكاء السه ، فإذا نامت العين انحل الوكاء " قال ( والإغماء والجنون ) لأنهما أبلغ في إزالة المسكة من النوم ; لأن النائم يستيقظ بالانتباه ، والمجنون والمغمى عليه لا .

قال : ( والنوم قائما وراكعا وساجدا وقاعدا ) لا ينقض لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا ، إنما الوضوء على من نام مضطجعا " .

[ ص: 15 ] قال : ( ومس المرأة لا ينقض الوضوء ) لرواية عائشة - رضي الله عنها - : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ " ، والآية متعارضة التأويل ، فإن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : المراد باللمس الجماع ، وقد تأكد بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .

( وكذا مس الذكر ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - لطلق بن علي حين سأله : " هل في مس الذكر وضوء ؟ قال : " لا ، هل هو إلا بضعة منك " نفى الوضوء ، ونبه على العلة وما روي : " من مس ذكره فليتوضأ " طعن فيه يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث .

قال : ( والقهقهة في الصلاة تنقض ) لما روينا ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " ألا من ضحك منكم قهقهة فليعد الوضوء والصلاة جميعا " ، وأنه ورد في صلاة كاملة فيقتصر عليها لوروده على خلاف القياس حتى لو ضحك في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة لا ينقض الوضوء ، والقهقهة أن يسمعها جاره ، وحكمها انتقاض الوضوء والصلاة جميعا ، والضحك أن يسمعها هو لا غير ، قالوا : وتبطل الصلاة لا غير ، والتبسم ما لا يسمعه هو ولا غيره ولا حكم له ، وإن شك في نقض وضوئه . فإن كان أول شكه أعاده ; لأنه تيقن بالحدث وشك في زواله ، وإن كان يحدث له كثيرا لم يعد دفعا للحرج ، ومن أيقن بالحدث وشك في الطهارة أو بالعكس أخذ باليقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية