صفحة جزء
[ ص: 156 ] باب العاشر

وهو من نصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار مما يمرون عليه ; فيأخذ من المسلم ربع العشر . ومن الذمي نصف العشر ، ومن الحربي العشر . فمن أنكر تمام الحول أو الفراغ من الدين ، أو قال : أديت إلى عاشر آخر أو إلى الفقراء في المصر وحلف صدق . والمسلم والذمي سواء ، والحربي لا يصدق إلا في أمهات الأولاد ، ويعشر قيمة الخمر دون الخنزير ( س ز ) :


باب العاشر

( وهو من نصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار مما يمرون عليه ) عند استجماع شرائط الوجوب ، وتأمن التجار بمقامه من شر اللصوص .

( فيأخذ من المسلم ربع العشر ، ومن الذمي نصف العشر ، ومن الحربي العشر ) فإن علمنا أنهم يأخذون منا أقل أو أكثر أخذنا منهم مثله . والأصل فيه ما روي أن عمر لما نصب العشار قال لهم : خذوا مما يمر به المسلم ربع العشر ، ومما يمر به الذمي نصف العشر . قالوا : فمن الحربي ; قال : مثل ما يأخذون منا ، فإن أعياكم فالعشر ، وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير ، وإن لم يأخذوا منا لم نأخذ منهم لأنا أحق بالمسامحة ومكارم الأخلاق ، وإن أخذوا الكل أخذنا إلا قدر ما يوصله إلى مأمنه ; وقيل : لا يؤخذ لأنه عذر ، وإن أخذوا منا القليل أخذنا منهم كذلك . وعلى رواية كتاب الزكاة لا يؤخذ ؛ لأن القليل عفو ولا يحتاج إلى حماية .

قال : ( فمن أنكر تمام الحول أو الفراغ من الدين ، أو قال : أديت إلى عاشر آخر أو إلى الفقراء في المصر وحلف صدق ) معناه إذا كان عاشر آخر ، أما إذا لم يكن لا يصدق لظهور كذبه ، [ ص: 157 ] وكذا في السوائم إلا في دفعه إلى الفقراء ، لأنها عبادة خالصة لله تعالى وهو أمين ، والقول قول الأمين مع اليمين . وعن أبي يوسف لا يحلف كما إذا قال : صمت أو صليت . قلنا : الساعي هنا يكذبه ولا مكذب ثم ، وكذا إذا قال هذا المال ليس لي أو ليس للتجارة وحلف صدق . ويشترط إخراج البراءة في رواية الحسن لأنها علامة لصدق دعواه ، قلنا الخط يشبه الخط فلم يكن علامة ، وإنما اختلف حكم السائمة في الأداء إلى الفقراء ؛ لأن ولاية الأخذ إلى الإمام فليس له أن يخرجها بنفسه ، وسائر الأموال يخرجها بنفسه .

( والمسلم والذمي سواء ) لأن الذمي من أهل دارنا ، وهو كالمسلم في المعاملات وأحكامها .

قال : ( والحربي لا يصدق إلا في أمهات الأولاد ) لأنه يؤخذ منه للحماية ، وجميع ما معه يحتاج إليها ، ولأن الحول ليس بشرط في حقه حتى لا نمكنه من المقام في دارنا سنة ; وأما الدين فلا مطالب له في دارنا ، وقوله : ليس للتجارة ، يكذبه الظاهر ؛ لأن الظاهر إنما دخل دارنا بالمال للتجارة ، وإنما يصدق في أمهات الأولاد والغلام يقول هو ولدي ؛ لأنه إن كان صادقا ، وإلا فقد ثبت للأمة حق الحرية وللولد حقيقتها ، فتنعدم المالية في حقهما ، ولو عشر الحربي ثم مر عليه مرة أخرى لم يعشره قبل الحول تحرزا عن الاستئصال إلا أن يرجع إلى دار الحرب ثم يخرج ولو خرج من يومه لأنه أمان جديد ، وكذا إذا حال الحول لتجدد الأمان لما مر .

قال : ( ويعشر قيمة الخمر دون الخنزير ) وقال زفر : يعشرهما لاستوائهما في المالية عندهم .

وقال أبو يوسف : كذلك إن مر بهما جملة كأنه جعل الخنزير تبعا للخمر ، وإن انفردا عشر الخمر دون الخنزير . وجه الظاهر وهو الفرق أن الأخذ بسبب الحماية ، والمسلم له أن يحمي خمره للتخليل فيحمي خمر غيره ولا كذلك الخنزير ، ولأن الخنزير من ذوات القيم وحكم قيمته حكمه ، والخمر مثلي فلا يكون حكم القيمة حكمها .

وقال عمر - رضي الله عنه - : ولوهم بيعها ، وخذوا العشر من أثمانها ; ولم يرد مثله في الخنزير ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية