صفحة جزء
[ ص: 165 ] باب صدقة الفطر

وهي واجبة على الحر المسلم المالك لمقدار النصاب فاضلا عن حوائجه الأصلية
، عن نفسه وأولاده الصغار وعبيده للخدمة ومدبره وأم ولده وإن كانوا كفارا لا غير ، وهي نصف صاع من بر أو دقيقه ، أو صاع من شعير أو دقيقه أو تمر أو زبيب ، أو قيمة ذلك ، والصاع ثمانية ( س ) أرطال بالعراقي ، وتجب بطلوع الفجر من يوم الفطر ، فإن قدمها جاز ( ف ) ، وإن أخرها فعليه إخراجها ، وإن كان للصغير مال أدى عنه وليه وعن عبده ( م ) ، ويستحب إخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى .


باب صدقة الفطر

( وهي واجبة على الحر المسلم المالك لمقدار النصاب فاضلا عن حوائجه الأصلية ) كما بيناه ، وشرط الحرية لأن العبد غير مخاطب بها لعدم ملكه ، والإسلام لأنها عبادة .

وقال - عليه الصلاة والسلام - فيها : " إنها طهرة للصائم من الرفث " وإنه مختص بالمسلم ، والغنى لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا صدقة إلا عن ظهر غنى " وفي رواية : " إنما الصدقة عن ظهر غنى " والأصل في وجوبها ما روى عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :

[ ص: 166 ] " أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير " . وعن عمر - رضي الله عنه - قال : " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر على الذكر والأنثى والحر والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير " .

وقال - عليه الصلاة والسلام - : " أدوا صدقة الفطر عن كل حر وعبد يهودي أو نصراني ) .

قال : ( عن نفسه وأولاده الصغار وعبيده للخدمة ومدبره وأم ولده وإن كانوا كفارا لا غير ) والأصل في ذلك أن سبب وجوبها رأس يمونه ويلي عليه ؛ لأنه يصير بمنزلة رأسه في الذب والنصرة . قال - عليه الصلاة والسلام - : " أدوا عمن تمونون " فيلزمه عن أولاده الصغار ومماليكه المسلمين والكفار والمدبر وأم الولد بمنزلة العبد ، ولا تجب عن أبويه وأولاده الكبار وزوجته ومكاتبه لعدم الولاية ، ولو كان أبوه مجنونا فقيرا يجب عليه صدقة فطره لوجود المئونة والولاية ، ولا تجب عن حفدته مع وجود أبيهم ، فإن عدم فعليه صدقتهم وقيل لا يجب أصلا . وعن أبي يوسف : لو أخرج عن زوجته وأولاده الكبار وهم في عياله بغير أمرهم أجزأهم ؛ لأنه مأذون فيه عادة .

قال : ( وهي نصف صاع من بر أو دقيقه ، أو صاع من شعير أو دقيقه ، أو تمر أو زبيب ) أما البر والشعير والتمر فلما روينا ، وأما الدقيق فلأنه مثل الحب بل أجود ، وكذا سويقهما ; وأما [ ص: 167 ] الزبيب فقد روي في حديث أبي سعيد الخدري : " أو صاعا من زبيب " . وعن أبي حنيفة في الزبيب نصف صاع ؛ لأنه لا يؤكل بعجمه فأشبه الحنطة .

قال : ( أو قيمة ذلك ) وقد مر في الزكاة . قال أبو يوسف : الدقيق أحب إلي من الحنطة ، والدراهم أحب إلي من الدقيق لأنه أيسر على الغني وأنفع للفقير ، والأحوط الحنطة ليخرج عن الخلاف ; ولا يجوز الخبز والأقط إلا باعتبار القيمة لعدم ورود النص بهما .

قال : ( والصاع ثمانية أرطال بالعراقي ) وقال أبو يوسف : خمسة أرطال وثلث رطل وهو صاع أهل المدينة ، نقلوا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفا عن سلف . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " صاعنا أصغر الصيعان " . ولنا ما روى الدراقطني في سننه عن أنس قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال " وعمر - رضي الله عنه - قدر الصاع لإخراج الكفارة بثمانية أرطال بحضرة الصحابة ، وأنه أصغر من الهاشمي .

قال : ( وتجب بطلوع الفجر من يوم الفطر ) لأنه يقال صدقة الفطر ، والفطر إنما يتجدد باليوم دون الليل .

( فإن قدمها جاز ) لأنه أداها بعد السبب وهو رأس يمونه ويلي عليه . وقال الحسن : لا يجوز . وروى نوح بن أبي مريم أنه يجوز إذا مضى نصف رمضان . وعن خلف بن أيوب : يجوز في رمضان ولا يجوز قبله .

[ ص: 168 ] ( وإن أخرها فعليه إخراجها ) لأنها قربة مالية معقولة المعنى فلا تسقط بالتأخير كالزكاة بخلاف الأضحية ، فإن الإراقة غير معقولة المعنى .

( وإن كان للصغير مال أدى عنه وليه وعن عبده ) لأنها مئونة كالجناية ونفقة الزوجة . وقال محمد : لا تجب في ماله كالزكاة ، والمجنون كالصبي .

( ويستحب إخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى ) وقد بيناه في العيدين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية