صفحة جزء
[ ص: 169 ] كتاب الصوم

صوم رمضان فريضة على كل مسلم عاقل بالغ أداء وقضاء ، وصوم النذر والكفارات واجب ، وما سواه نفل ، وصوم العيدين وأيام التشريق حرام ، وصوم رمضان ، والنذر المعين يجوز بنية من الليل وإلى نصف النهار ، وبمطلق النية ، وبنية النفل . والنفل يجوز بنية من النهار ، ويجوز صوم رمضان بنية واجب آخر ، وباقي الصوم لا يجوز إلا بنية معينة من الليل ، . والمريض والمسافر في رمضان إن نوى واجبا آخر وقع عنه ( سم ف ) وإلا وقع عن رمضان .

ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع مع النية بشرط الطهارة عن الحيض والنفاس; ويجب أن يلتمس الناس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان وقت الغروب ، فإن رأوه صاموا ، وإن غم عليهم أكملوه ثلاثين يوما ، وإن كان بالسماء علة غيم أو غبار أو نحوهما مما يمنع الرؤية قبل شهادة الواحد العدل ، والحر والعبد والمرأة في ذلك سواء ، فإن رد القاضي شهادته صام ، وإن لم يكن بالسماء علة لم تقبل إلا شهادة جمع يقع العلم بخبرهم ، فإذا ثبت في بلد لزم جميع الناس; ولا اعتبار باختلاف المطالع ، ولا يصام يوم الشك إلا تطوعا ، ويلتمس هلال شوال في التاسع والعشرين من رمضان ، فمن رآه وحده لا يفطر ، فإن أفطر قضاه ولا كفارة عليه ، فإن كان بالسماء علة قبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، وإن لم يكن بها علة فجمع كثير ، وذو الحجة كشوال .


[ ص: 169 ] كتاب الصوم

الصوم في اللغة : مطلق الإمساك ، يقال : صامت الشمس : إذا وقفت في كبد السماء وأمسكت عن السير ساعة الزوال . وقال النابغة :

خيل صيام وخيل غير صائمة

أي ممسكات عن العلف وغير ممسكات .

وفي الشرع : عبارة عن إمساك مخصوص ، وهو الإمساك عن المفطرات الثلاث بصفة مخصوصة ، وهو قصد التقرب من شخص مخصوص وهو المسلم ، بصفة مخصوصة وهي الطهارة عن الحيض والنفاس في زمان مخصوص ، وهو بياض النهار من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، وهو فريضة محكمة يكفر جاحدها ويفسق تاركها . ثبتت فرضيته بالكتاب وهو قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وقوله تعالى : ( كتب عليكم الصيام ) . وبالسنة وهو ما مر من الحديث في كتاب الصلاة ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : " صوموا شهركم " وعليه إجماع الأمة ، وسبب وجوبه الشهر لإضافته إليه يقال : صوم رمضان ، ولتكرره بتكرار الشهر ، وكل يوم سبب وجوب صومه .

قال : ( صوم رمضان فريضة على كل مسلم عاقل بالغ أداء وقضاء ) أما الفرضية فلما ذكرنا .

وأما الإسلام فلأن الكافر ليس أهلا للعبادة . والعقل والبلوغ لأن الصبي والمجنون غير مخاطبين .

[ ص: 170 ] وأما " أداء " فلقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) . وأما " قضاء " فلقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر ) أي فليصم عدة من أيام أخر .

قال : ( وصوم النذر والكفارات واجب ) أما النذر فلقوله تعالى : ( وليوفوا نذورهم ) وقوله - عليه الصلاة والسلام - : " ف بنذرك " وأما الكفارات فلما يأتي فيها إن شاء الله تعالى .

قال : ( وما سواه نفل ) لأن النفل في اللغة مطلق الزيادة ; وفي الشرع : الزيادة على الفرائض والواجبات .

قال : ( وصوم العيدين وأيام التشريق حرام ) لرواية عقبة بن عامر قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم النحر وأيام التشريق " وقال - عليه الصلاة والسلام - في أيام منى : " إنها أيام أكل وشرب وبعال " ويوم الفطر مأمور بإفطاره ، وفي صومه مخالفة الأمر ومخالفة الاسم ، وعلى ذلك الإجماع .

قال : ( وصوم رمضان والنذر المعين يجوز بنية من الليل وإلى نصف النهار وبمطلق النية وبنية النفل ) .

اعلم أن النية شرط في الصوم ، وهو أن يعلم بقلبه أنه يصوم ، ولا يخلو مسلم عن هذا في ليالي شهر رمضان ، وليست النية باللسان شرطا ، ولا خلاف في أول وقتها ، وهو غروب الشمس . واختلفوا في آخره على ما نبينه إن شاء الله تعالى . وقال زفر : النية في صوم رمضان ليست بشرط للصحيح المقيم ؛ لأن الزمان متعين لعدم الفرض في حقه حتى لا يجوز غيره ، فمتى حصل فيه [ ص: 171 ] إمساك وقع عن فرض رمضان لصوم مزاحمة غيره ، فصار كإعطاء النصاب جميعه للفقير بعد الحول . ولنا أنه عبادة فلا يجوز إلا بالنية كسائر العبادات ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " الأعمال بالنيات " ولما مر في الصلاة ، ولأن الإمساك قد يكون للعادة أو لعدم الاشتهاء أو للمرض أو للرياضة ويكون للعبادة فلا يتعين لها إلا بالنية كالقيام إلى الصلاة ، وأداء الخمس إلى الفقير ، بخلاف تعيين النية فإنه لا يشترط ؛ لأن الصوم المشروع فيه لا يتنوع .

وقوله : الزمان متعين لصوم الفرض . قلنا : نعم ، لكن إذا حصل الصوم فلم قلتم : إنه حصل ; غاية الأمر أنه حصل الإمساك وقد خرج جوابه . وأما هبة النصاب قلنا : وجد منه معنى النية ، وهو القربة لحصول الثواب به ، ولهذا لا يجوز الرجوع في الموهوب للفقير لحصول الثواب به ، أما هنا حصل مطلق الإمساك ولا ثواب فيه ، ولهذا لا يكون صوما خارج رمضان .

وروى القدوري عن الكرخي أنه أنكر هذا القول عن زفر وقال : إنما مذهبه أنه يكفيه نية واحدة كقول مالك ، ووجهه أن صوم الشهر عبادة واحدة ؛ لأن السبب واحد وهو شهود جزء من الشهر فصار كركعات الصلاة . وجوابه أن النية شرط لكل يوم ؛ لأن صوم كل يوم عبادة على حدة ، ألا ترى أنه لو فسد صوم يوم لا يمنع صحة الباقي ، وكذا عدم الأهلية في بعضه لا يمنع تقرر الأهلية في الباقي فتجب النية لكل عبادة ، ولأنه يخرج عن صوم اليوم بمجيء الليلة . قال - عليه الصلاة والسلام - : " إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغابت الشمس فقد أفطر الصائم " وإذا خرج يحتاج إلى الدخول في اليوم الثاني ، فيحتاج إلى النية كأول الشهر .

وأما جواز الصوم بالنية إلى نصف النهار لما روى ابن عباس أن الناس أصبحوا يوم الشك ، فقدم أعرابي وشهد برؤية الهلال ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ " فقال : نعم ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " الله أكبر ، يكفي المسلمين أحدهم " فصام ، وأمر بالصيام ، وأمر مناديا فنادى : " ألا من أكل فلا يأكل بقية يومه ، ومن لم يأكل فليصم " أمر بالصوم وأنه يقتضي القدرة على الصوم الشرعي ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعث لبيان الأحكام الشرعية ، وآمرا بها ، ولو شرطت النية من الليل لما كان قادرا [ ص: 172 ] عليه ، فدل على عدم اشتراطها ولأنه لو أراد الإمساك لما فرق بين الفريقين نفيا للالتباس ، وما يروى من الأحاديث في نفي الصوم إلا بالتبييت محمولة على نفي الفضيلة توفيقا بينها وبين ما روينا ؛ لأن النية ليست بشرط حالة الشروع حتى لو نوى من الليل جاز ، وإنما جاز دفعا للحرج ، لأن أول وقته طلوع الفجر الثاني ، وهو مشتبه لا يعرفه أكثر الناس ، ولا يقفون على أول طلوعه ، وهو أيضا وقت نوم وغفلة ; والمتهجد يستحب له نوم آخر الليل ، وإنما جاز تقديم النية دفعا لهذا الحرج ، وأنه موجود هاهنا ؛ لأن من الناس من يبلغ آخر الليل ، وينقطع الحيض والنفاس عند آخر الليل ، وينام حتى يصبح ، وكذا يوم الشك لا يقدر على التبييت ، فقلنا بالجواز بعد الفجر دفعا للحرج أيضا .

بخلاف القضاء والكفارات والنذر المطلق ؛ لأن الزمان غير متعين لها فوجب التبييت نفيا للمزاحمة ، ويعتبر نصف النهار من طلوع الفجر الثاني ، فيكون إلى الضحوة الكبرى ، فينوي قبلها ليكون الأكثر منويا فيكون له حكم الكل حتى لو نوى بعد ذلك لا يجوز لخلو الأكثر عن النية تغليبا للأكثر .

وأما جوازه بمطلق النية وبنية النفل ، لما روي عن علي وعائشة - رضي الله عنهما - أنهما كانا يصومان يوم الشك ، ويقولان : لأن نصوم يوما من شعبان أحب إلينا من أن نفطر يوما من رمضان ، وكان صومهما بنية النفل ؛ لأنه لا يجوز بنية الفرض ، فلولا وقوعه عن رمضان لو ظهر اليوم من رمضان ، لما كان لاحترازهما فائدة ، ولأن الزمان متعين لصوم الفرض حتى لا يقع فيه غيره بالإجماع ، فمتى حصل أصل النية كفى لوقوع الإمساك قربة ، فيقع عن رمضان لعدم المزاحمة ، والأفضل الصوم بنية معينة مبيتة للخروج عن الخلاف .

قال : ( والنفل يجوز بنية من النهار ) لحديث عائشة قالت : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح دخل على نسائه ، وقال : " هل عندكن شيء ؟ " فإن قلن لا ، قال : " إني إذا لصائم " .

قال : ( ويجوز صوم رمضان بنية واجب آخر ) لما مر في مطلق النية ، ونية النفل .

قال : ( وباقي الصوم لا يجوز إلا بنية معينة من الليل ) لأن الوقت يصلح له ولغيره ، فيحتاج إلى التعيين والتبييت قطعا للمزاحمة .

[ ص: 173 ] قال : ( والمريض والمسافر في رمضان إن نوى واجبا آخر وقع عنه ، وإلا وقع عن رمضان ) وقالا : يقع عن رمضان فيهما ؛ لأن الرخصة لاحتمال تضرره وعجزه ، فإذا صام انتفى ذلك فصار كالصحيح المقيم . وله أن الشارع رخص له ليصرفه إلى ما هو الأهم عنده من الصوم أو الفطر ، فصار كشعبان في حق غيره ، فلما نوى واجبا آخر علمنا أنه الأهم عنده فيقع عنه ، وقيل : الأصح عند أبي حنيفة أن المريض إذا نوى واجبا آخر يقع عن رمضان ؛ لأن إباحة الفطر للعجز ، فإذا قدر فهو كالصحيح ، بخلاف المسافر ، والأول رواية الكرخي . وعن أبي حنيفة في النفل روايتان ، فمن قال يقع عن رمضان فلأنه لم يصرفه في الأهم ؛ لأن الخروج عن العهدة أهم من النفل ، بخلاف واجب آخر فإن كل واحد منهما خروج عن العهدة . ومن قال يقع نفلا فلأنه كان مخيرا فله أن يصرفه إلى ما شاء .

قال : ( ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ) لقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) .

قال أبو عبيد : الخيط الأبيض : الصبح الصادق ، أباح الأكل والشرب إلى طلوع الفجر فيحرم عنده . وأما آخره فلقوله - عليه الصلاة والسلام - : " إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا أفطر الصائم ، أكل أو لم يأكل " .

قال : ( وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع مع النية بشرط الطهارة عن الحيض والنفاس ) لما تقدم أن الصوم هو الإمساك لغة ، زدنا عليه النية ليقع قربة على ما قدمناه ، والطهارة من الحيض والنفاس ليتحقق الأداء في حق المرأة ، وتمامه ما مر في الحيض . والنية : أن يعلم بقلبه أنه يصوم وقد مر .

قال : ( ويجب أن يلتمس الناس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان وقت الغروب ) وهو [ ص: 174 ] المأثور عنه - عليه الصلاة والسلام - وعن السلف .

( فإن رأوه صاموا ، وإن غم عليهم أكملوه ثلاثين يوما ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين يوما ) ولأن الشهر كان ثابتا فلا يزول إلا بدليل ، وهو الرؤية أو إكمال العدة ، وهكذا الحكم في كل شهر .

قال : ( وإن كان بالسماء علة غيم أو غبار أو نحوهما مما يمنع الرؤية قبل شهادة الواحد العدل ، والحر والعبد والمرأة في ذلك سواء ) أما الواحد فلما تقدم من حديث الأعرابي ، ولأنه أمر ديني فيقبل قول الواحد كرواية الأخبار ، والإخبار عن نجاسة الماء وطهارته ، ولا يشترط فيه لفظ الشهادة .

وأما العدالة فلأنه من أخبار الديانات ، فتشترط العدالة كسائر الأمور الدينية ، وتقبل شهادة المحدود في القذف إذا تاب ؛ لأن الصحابة قبلوا شهادة أبي بكرة ، وفي مستور الحال خلاف بين الأصحاب ; ويفترض على من رأى الهلال أن يؤدي الشهادة إذا لم يثبت دونه ، حتى يجب على المخدرة وإن لم يأذن لها زوجها . فإن أكملوا ثلاثين ولم يروا الهلال قال محمد : يفطرون بناء على ثبوت الرمضانية بشهادة الواحد ، وإن كان الفطر لا يثبت به ابتداء كالإرث بناء على ثبوت النسب بقول القابلة . وروى الحسن عن أبي حنيفة أنهم لا يفطرون أخذا بالاحتياط . وقال محمد - رحمه الله - : لا أتهم مسلما بتعجيل صوم يوم .

( فإن رد القاضي شهادته صام ) لأنه رآه ، فإن أفطر قضى لوجوب الأداء ولا كفارة عليه لمكان الشبهة ، ولا يفطر آخر الشهر إلا مع الناس احتياطا ، ولو أفطر لا كفارة عليه عملا باعتقاده . قال : ( وإن لم يكن بالسماء علة لم تقبل إلا شهادة جمع يقع العلم بخبرهم ) وهو مفوض إلى [ ص: 175 ] رأي الإمام من غير تقدير هو الصحيح ، وهذا لأن المطالع متحدة ، والموانع مرتفعة ، والأبصار صحيحة ، والهمم في الرؤية متقاربة ، فلا يجوز أن يختص بالرؤية البعض القليل .

وروى الحسن ، عن أبي حنيفة أنه يكتفى بشهادة الاثنين كما في سائر الحقوق ، ولو جاء رجل من خارج المصر وشهد به تقبل ، وكذا إذا كان على مكان مرتفع في البلد كالمنارة ونحوها ؛ لأن الرؤية تختلف باختلاف صفاء الهواء وكدورته ، وباختلاف ارتفاع المكان وهبوطه ، ولما تقدم من حديث الأعرابي .

قال : ( فإذا ثبت في بلد لزم جميع الناس ، ولا اعتبار باختلاف المطالع ) هكذا ذكره قاضيخان . قال : وهو ظاهر الرواية ، ونقله عن شمس الأئمة السرخسي ; وقيل يختلف باختلاف المطالع . وذكر في الفتاوى الحسامية : إذا صام أهل مصر ثلاثين يوما برؤية ، وأهل مصر آخر تسعة وعشرين يوما برؤية فعليهم قضاء يوم ، إن كان بين المصرين قرب بحيث تتحد المطالع ، وإن كانت بعيدة بحيث تختلف لا يلزم أحد المصرين حكم الآخر . وذكر في المنتقى عن أبي يوسف : يجب عليهم قضاء يوم من غير تفصيل . وعن ابن عباس في مثله : لهم ما لهم ولنا ما لنا . وعن عائشة - رضي الله عنها - : فطر كل بلدة يوم يفطر جماعتهم وأضحى كل بلدة يوم يضحي جماعتهم .

قال : ( ولا يصام يوم الشك إلا تطوعا ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا " هو الذي يشك فيه أنه من رمضان أو شعبان ، وذلك بأن يتحدث الناس بالرؤية ولا تثبت .

قال : ( ويلتمس هلال شوال في التاسع والعشرين من رمضان ، فمن رآه وحده لا يفطر ) أخذا بالاحتياط في العبادة .

( فإن أفطر قضاه ولا كفارة عليه ) لما بينا .

( فإن كان بالسماء علة قبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ) لأنها شهادة تعلق بها حق الآدمي [ ص: 176 ] فصارت كالشهادة على حقوق الآدميين بخلاف رمضان ؛ لأنه أمر ديني لا يتعلق به حق الآدمي ، على أن مبنى الكل على الاحتياط ، وهو فيما قلناه .

( وإن لم يكن بها علة فجمع كثير ) لما بينا . وعن أبي حنيفة : شهادة رجلين كما في سائر الحقوق .

( وذو الحجة كشوال ) لما يتعلق به من حقوق الآدمي من الأضاحي وغيره ، وإذا رأى هلال رمضان أو شوال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة الآتية . وقال أبو يوسف كذلك إن كان بعد الزوال ، وإن كان قبله فللماضية ، يروى ذلك عن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - والأول يروى عن علي ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وأنس ، وعن عمر أيضا ، ولأن الشهر ثابت بيقين ، وبعض الأهلة يكون أكبر من بعض ، فيجوز أنهم رأوه قبل الزوال لكبره لا لكونه لليلة الماضية ، والثابت بيقين لا يزول بالشك . وقال الحسن بن زياد : إن غاب بعد الشفق فلليلة الماضية وقبله للراهنة . واختلف العلماء في يوم الشك هل صومه أفضل أم الفطر ؟ قالوا : إن كان صام شعبان أو وافق صوما كان يصومه فصومه أفضل ، وإن لم يكن كذلك ، قال محمد بن سلمة : الفطر أفضل بناء على الحديث . وقال نصير بن يحيى : الصوم أفضل لما روينا عن علي وعائشة . وعن أبي يوسف وهو المختار أن المفتي يصوم هو وخاصته ، ويفتي العامة بالتلوم إلى ما قبل الزوال لاحتمال ثبوت الشهر ، وبعد ذلك لا صوم وهو يمكنه الصوم على وجه يخرج من الكراهة ، ولا كذلك العامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية