صفحة جزء
ابن القاسم : إن قال : اخدمني سنة وأنت حر فإن أبقت فيها فلا حرية لك أو عليك قضاء ما أبقت فيه فله شرطه ، قال غيره : وإن دبره وشرط عليه إن أبق فلا حرية له ، نفعه شرطه ; لأن العتق إلى أجل أقوى من المدبر ، فإذا نفع الشرط فيه فالمدبر أولى وليس كالمكاتب يشترط عليه إن أبقت فلا حرية لك ; لأن المقصود منه إذا المال فلا يقدح فيه الإباق إذا أدى ، فإن عجز فسوى أبق أم لا يعجز بعد التلوم والمدبر والمعتق إلى أجل ، المقصود منهما : الخدمة ، والإباق يخل فيهما ، وقد سوى بينهما ، قال : وهو غلط ، وقيل في المعتق إلى أجل يأبق في الأجل ويأتي بعده وقد اكتسب مالا في إباقه أن للسيد أخذه ، قال : والأول أحب إلينا ، وإن قال : اخدم فلانا حياتي [ ص: 216 ] فإذا مت فأنت حر : قال ابن القاسم : هو حر من الثلث ; لأنه عتق بعد الموت ، وقال أشهب : من رأس المال ; لأنه خرج من ماله في صحته ، وانقطع ملكه عنه ، وكل من خرج في الصحة لا يرجع إليه ولا لورثته بعده بوجه فهو من رأس المال ، وإن كان لا يعتق إلا بموت صاحبه فهو من ثلثه ، وأصل ابن القاسم : أن كل عتق يكون بموت السيد فلا يكون إلا من الثلث ، وإن كان لا يرجع إلى سيده ولا إلى ورثته أبدا ، وإن كان عتقه بموت غير السيد من مخدم أو غيره فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه : أنه من رأس المال ، فإن قال : اخدم فلانا حياته فإذا مت أنا فأنت حر ، فاتفقا أنه من الثلث أو قد يرجع للسيد إن مات المخدم قبله ، وإن قال : اخدم عبد الله حياة زيد فإذا مات سعيد فأنت حر فهو من رأس المال ، فإن مات زيد قبل سعيد رجع العبد إلى سيده أو إلى ورثته إن مات سعيد ، وإن لم يمت زيد أخدمه عبد الله وورثته حتى يموت سعيد فيعتق ، وإن قال : اخدم فلانا حياته وأنت حر فإن مت أنا فأنت حر ، فهو - عند أشهب - من رأس المال ; لأنه لا يرجع للسيد ولا لورثته ، وعند ابن القاسم : ينبغي إن مات الأجنبي قبل سيده فمن رأس المال أو السيد قبل الأجنبي فمن ثلثه ، فإن عجز الثلث عن شيء منه فرق كان ما رق منه يخدم الأجنبي حياته ثم يعتق ، قال محمد : وإنما تجعل في ثلث سيده خدمته حياة المخدم على الرجاء والخوف ; لأنه لم يبق فيه رق غير الخدمة ، وإن قال : اخدم فلانا وأنت حر إلا أن أموت أنا فأنت حر فمات الأجنبي أولا ، ولم يستحدث السيد دينا يوم قال ذلك عتق - عند أشهب - من رأس المال أو لحقه دين فالدين أولى به ، وإن مات السيد أولا عتق في ثلثه فإن عجز رق باقيه لورثته ، لأنه استثنى عليه رقا بقوله : إلا أن أموت وأنت حر إذا غابت الشمس إلا إن دخلت الدار فأجد فيها فلانا فالرق يلحقه إذا دخلها قبل المغيب ، وأسقط أجل مغيب الشمس ، وقد أبقى الرق موضعها [ ص: 217 ] باستثنائه هذا أو متى كان فيه أبدا موضع الرق لحقه الدين ، وإن مات سيده عتق من الثلث ، وكذلك أنت حر إلى عشر سنين إلا أن أموت قبلها فإن حلت السنين ولا دين عليه عتق من رأس المال ، أو مات السيد قبل ذلك عتق في ثلثه أو ما حمله ، ورق الباقي وسقط عتق الأجل .

قاعدة : الصريح من اللفظ : ما وضع للمعنى لغة كالطلاق في إزالة العصمة ، أو عرفا كالحرام في إزالة العصمة ، والكناية : هو اللفظ الدال على المعنى بطريق الاحتمال والمجاز لا بالصريح ، فالمجاز كالذهاب في الطلاق والعتق ، والمتردد - مع أنه حقيقة - كقوله : أنت حر بعد موتي ، فهو صادق على الوصية والتدبير حقيقة ، ولا يتعلق إلا بالنية على الخلاف المتقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية