صفحة جزء
فرع :

في الكتاب : إذا جنى العبد وعليه دين ; فديته في ماله ، وجنايته في رقبته ، يسلمه سيده أو يفديه .

فرع :

قال : إن مات سيد المدبر وعليه دين يغترقه ، وعلى المدبر دين بيع في دين سيده وأتبع هو بدين نفسه ، ولغرماء السيد مؤاجرة المدبر في دينهم إن أعدم السيد ; فإن جنى العبد على سيده فلا شيء عليه ، وأما المدبر فيخدمه بالجناية ; [ ص: 230 ] فإن مات ولم يتبعها عتق في ثلثه وأتبع ببقية الجناية ، أو عتق بعضه في الثلث اتبع بحصة ما عتق منه من بقيتها ، ويسقط ما بقي . وقال غيره : لا يختدمه السيد ; لأنه مالك لرقبته ولخدمته قبل الجناية ، ولو فداه من أجنبي لم يتبعه بما فداه ، ولو أسلمه لأتبعه المجروح بما بقي إن عتق في الثلث ; فإن جنى على سيده وعلى أجنبي اختدماه بقدر جنايتهما . قال سحنون : وهذه مثل الأولى ; فإن قتل مدبر وحر قتيلا خطأ فنصف الدية على عاقلة الحر ، ونصفها في خدمة المدبر ; فإن قتل المدبر رجلا عمدا فعفا أولياؤه على أخذ خدمته فذلك لهم ، إلا أن يفديها السيد بجميع الدية ، وليس لهم العفو في رقه ; لأنه مدبر . فإن جنى فأعتقه سيده وأراد حمل الجناية لزمه وإلا حلف : ما أراد ، ثم ردت خدمته وخير بين إسلامه وافتدائه مدبرا ; فإن أسلمه وللمدبر مال أديت منه الجناية وعتق ، وإن لم يوف ماله أخدمته وأخدمه المجروح بما بقي وعتق ، وإن لم يكن له مال اختدمه ; فإن استوفى والسيد حي عتق ، أو مات السيد قبل والثلث يحمل المدبر عتق واتبع ببقية الجناية ، وإن لم يدع السيد غيره عتق ثلثه واتبع بثلثي الأرش ورق باقيه للمجروح إن كانت قيمة ذلك مثل ما قابله من قيمة الأرش ; لأن سيده أسلمه حين كان له الخيار ، ولا خيار فيه للورثة لأن الموروث أسلمه ، وإن لم يحلف السيد أنه ما أراد حمل الجناية عتق وكانت الجناية على السيد ; فإن لم يكن له مال رد عتقه ، وأسلم يخدم المجروح ; فإن أدى في حياته عتق ولم يلحقه دين استحدثه السيد بعد عتقه ، وإن لم يوفها حتى مات السيد ، وقد استحدث بعد عتقه دينا [ ص: 231 ] يغترقه الغي وعتق ثلثه واتبع بثلثي بقية الأرش ، ثم إن باعه أخذ في ثلثيه بثلثي باقي الجناية عتق ، وإلا رق ثلثاه لأهل الجناية ; إلا أن يكون في ثمن ثلثيه فضل عن ثلثي باقي الجناية فيباع من ثلثيه بقدر ثلثي باقي الجناية وعتق الباقي . وإن كان للسيد مال يخرج من ثلثه عتق واتبع بباقي الجناية ، وإن كان دين السيد قبل العتق والجناية ; فهو كمدبر لم يعجل له عتق ، ولو أن عبدا بين رجلين دبر أحدهما نصيبه فرضي شريكه وتماسك وجنى ; خير الذي دبر في إسلام خدمة نصف العبد أو دفع نصف الجناية ، وجناية العبد في رقبته ، ( والخدمة خدمته ) وما جني على المدبر فعقله لسيده بخلاف ( ماله ، ومهر المدبرة كمالها هي أحق به بعد موت السيد من الوارث ; لأنها استحلت به ، ويخير الذمي في مدبره الذي في إسلامه عبدا ; لأنه لا يمنع بيعه كما لو أعتق عبدا ولم يخرجه من يده ، وإن فداه بقي على تدبيره ، وإن أسلم مدبره ثم جنى ; خير في إسلام خدمته وفدائه فيؤاجر له ولا يختدمه ; لأن مدبر الذمي إذا أسلم لزمه تدبيره وأجرته عليه ; لأنه حكم بين مسلم وذمي ، وإذا أسلم مدبر الذمي ثم قتل أو جرح فعقله لسيده .

في التنبيهات : قال : في المدين يكون له مال ; يبدأ بماله ، وقال : إذا أعتقه وحلف ردت خدمته ، وخير سيده ; فإن أسلمه وله مال أخذ من المدبر ، فجعل تخيير السيد أولا . قيل : إنه مما يختلف فيه ، هل يفدي بمال المدبر ومن يعينه ؟ فإن فقد خير السيد ، وهو ظاهر كتاب أول الجنايات في الجاني يعتق . قال : قال اللخمي : وهذا على الخلاف هلا يرجع إلى فداء السيد رقيقا أو حرا ، فعلى الأول يبتدأ بماله ، وعلى [ ص: 232 ] الثاني يبتدأ بتخيير السيد ، وظاهر الكتاب : بطلان العتق وهو كشرائه وقد بطل التدبير بالجناية ، ومثله عن ابن كنانة : في العبد يجني ثم يعتقه سيده ، وأنه يحلف : ما أراد حمل الجناية ويرد عتقه ، ثم إن فداه بقي له عبدا وواله عنده إن كان للجناية عند العتق ، وعن ابن القاسم : إن فداه عتق تنفيذا لعقد التدبير . قال التونسي : إنما ينبغي على مذهب ابن القاسم أن يخير السيد أولا ; فإن فداه لم يحلف وإلا حلف . قال ابن يونس : قال محمد : إن لم يكن للسيد مال استحلفه وأسلمه للمجروح يختدمه ; لعدم الفائدة في التحليف متى رجع وسيده حتى لا يضره الدين المستحدث ، وإن لم يرجع حتى مات سيده بطل عتق البتل وعتق بالتدبير ; فيكون الدين المستحدث أولى به ، وتكون الجناية أولى به من الدين; إلا أن تكون فيه فضلة عن الدين والجرح ، فيعتق من تلك الفضلة ثلثاه ويرق بقيتها ، وإن جنى المدبر صغيرا لا يكتسب له ، قال محمد : لا شيء عليه ولا على سيده حتى يبلغ العمل ويطيقه ، فإن مات قبل ذلك سقط حق المجروح ) وكذلك المدبرة التي لا عمل عندها ولا منعت .

فرع :

في الكتاب : إن جنت أم الولد لزم سيدها الأقل من الأرش أو قيمتها أمة يوم الحكم ، زادت قيمتها أو نقصت ; لتعذر رقها ، وكذلك ما أفسدته بيدها أو دابتها أو بتسببها ; فإن كان الأقل أكثر من قيمتها لم يتبع السيد بما زاد ولا هي إن عتقت ; لأنها لو كانت قنا وأسلمت لم يكن عليها فضل الجناية ، ويحاص أهل الجناية عزما سيدها بذلك ، وتقوم أمة بغير مالها ; لتعلق الجناية برقبة الرقيق . وقيل : به ; لأنه زائد في [ ص: 233 ] قيمتها ، ولا يقوم ولدها معها وإن ولدته بعد الجناية ; لأنه رقيق آخر ، وإن قتلت رجلا خطأ فلم ينظر فيه حتى قتلت آخر خطأ فقيمتها بين أوليائهما نصفين ، وإن حكم في الأول بالأول وجب للثاني الأقل أيضا ثانية يوم الحكم ، وكذلك يفديها كلما جنت إلا أن يتأخر الحكم حتى تجتمع جنايات ; كل جناية مثل قيمتها فأكثر ، فلا يقوم إلا قيمتها لعدم الحكم المعين للأول شيئا كالعبد يجني فيفتديه ، ثم يجني فيخير فيه ثانية بالفداء والإسلام ، أو إن اجتمع عليه جنايات قبل أن يفديه خير بين دفع قيمة ما جنى لكل واحد منهم ، أو يسلمه فيتحاصص فيه بقدر جنايتهم ، فإن جنت أقل من قيمتها ثم على أحد أكثر من قيمتها فعلى سيدها قيمتها لهما يقسمانها بقدر الجنايتين ; فإن قام أحدهما والآخر غائب ، فله الأقل من أرشه أو ما ينوبه في المحاصة مع الغائب من قيمتها الآن ، ثم إن قام الآخر فله الأقل من جنايته أو حصته من قيمتها يوم يقوم ، وإن جنت ولم يحكم عليهما حتى جنى عليها ما أخذت له إن شاء ; فعلى سيدها الأقل من أرش الجناية أو قيمتها ، معينة يوم الحكم فيها مع الأرش الذي أخذه فيها ، وكذلك العبد يجني ثم يجنى عليه قبل الحكم فيخيره في إسلامه مع ما أخذ من أرش أو يفديه ، وهذا إذا أخذ في أرش أقل من دية ما جنى ، فإن كان فيه وفاء بذلك أو أكثر ، فلا خيار للسيد ، ويؤدي من ذلك المجني عليه الأرش ، ويبقيان لسيدهما جمعا بين المصالح . وإن قتلت عمدا فعفا الولي على قيمتها لم يلزم السيد إلا أن يشاء ; لأن جناية الرقيق لا تتعلق بالسيد ، فإن أبى فلهم القتل أو العفو كالحر يعفى عنه على الدية فيأبى ، وقال غيره : يلزم السيد غرم الأقل من القيمة أو الأرش ، وليست [ ص: 234 ] كالحر بل كالعبد ، وإن عفا على أخذ رقبتها امتنع ; لتعينها للحرية ، وإن رضي السيد وكذلك المدبر ، وإن جنت ولم يحكم فيها حتى ماتت فلا شيء على السيد ; لأن جنايات الرقيق في رقابهم . وإن لم تمت ومات السيد ولا مال له فلا شيء على أم الولد . قال غيره : ذلك إن قاما على السيد حيا ، فإن مات قبل قيامهم فلا شيء عليه ، وهو عليها ; لأنها الجناية ، وما جني عليها فعقله لسيدها وكذلك المدبرة . وإن اغتصب حرة فعليه صداقها ، أو أمة أو أم ولد ، أو مكاتبة ، ولم ينقصها ذلك فلا شيء عليه إلا الحد ; لأنه يجرى مجرى الأموال لا يضمن إلا بالنقص ، فإن نقص فذلك للسيد ، ويحاص المكاتبة به في نجومها ، ويقوم كل من عليه علقة رق قيمة عبد ، وإن جنت على سيدها فلا شيء عليها ، وإن ولدت من غير السيد بعد أن صارت أم ولد ، فجنى ذلك الولد بأكثر من قيمته أو أقل ; خير السيد في فدائه ويبقى على حاله ، أو يسلم خدمته فيختدم بالأرش ; فإن وفى رجع لسيده ، وإن مات السيد قبل الوفاء عتق تبعا لأمه وبقية الأرش عليه ; لأنه الجاني بخلاف أمه ، وللمجني عليه أخذ خدمة الولد حتى يتم حقه إلا أن يفتكه السيد بدية الجناية ، ويفدي الذمي أم ولده بالأقل ، وله إسلامها رقا ; لأنا لا نمنعه بيعها ويحل وطؤها للمسلم إليه ولمبتاعها ، وإن استدانت أم الولد من تجارة أذن لها فيها ، ففي ذمتها كالعبد . وإن جنت أم الولد ; فوطئها السيد فحملت ، فإن لم يعلم بالجناية أدى الأقل من قيمتها يوم حملت أو الأرش ، فإن لم يكن معه ( مال أسلمت للمجني عليه ) اتبع به ، وإن علم قبل الوطء [ ص: 235 ] لزمه جميع الأرش وإن زاد على قيمتها ، لأنه رضي ، فإن لم يكن له مال أسلمت للمجني عليه ولا شيء عليه في الولد ; لأنه لا يسلم أمة بولدها ، والابن يطأ من تركة أبيه ، وعلى الأب دين يغترقها ، فإن علم به وبادر الغرماء ; لزمته قيمتها ، فإن لم يكن له مال بيعت لهم ، وإن لم يعلم أتبع بقيمتها في عدمه ، وكانت له أم ولد ، وقال غيره هذا بخلاف وطئ السيد ، وعلى السيد إسلامها في عدمه . وإن لم يعلم بالجناية ( لأنه لو باعها ولم يعلم بالجناية ) وأعتقها المبتاع لم يكن له ذلك فوتا ، ولو باعها الورثة ولم يعلموا بالدين وأعتق المبتاع لم يرد العتق ; وإنما لهم الثمن إن وجدوه ، وإلا اتبعوا به من أخذه .

في التنبيهات : قوله : أو ماتت قبل سيدها وقبل الحكم ; لا يكون على السيد شيء ، لم يذكر ألها مال أم لأبيه عليه . قال عبد الملك : إن كان لها مال وهو عين ، فللمجروح عقله منه ، وإن قصر لم يكن للمجروح غيره ، وإن كان عرضا خير سيدها في افتكاكه بالأرش ، أو إسلامه ، وقوله إن مات السيد فلا شيء على أم الولد . وقال غيره : إنما ذلك إن قاموا على السيد حيا ، لم يبين ما على السيد هاهنا ، وظاهر قوله : أن مذهبه إلزام السيد الأقل من قيمتها أو الأرش ، وكذلك جاء مفسرا في سماع أصبغ ، وعن سحنون : لا شيء على ورثة السيد ، ولا يكون لهم أن يفتكوها من مال السيد ، ويكون ذلك عليه يتبع بالأقل من قيمتها أو أرش الجناية ; فيتحصل ثلاثة أقوال عند ابن القاسم : ذلك على السيد ، وعند [ ص: 236 ] سحنون : عليها ، وعن ابن القاسم : لا شيء عليها ولا على السيد ; إلا أن يكونوا قاموا عليه . في النكت : قيل : الأمة الجانية إذا وطئها السيد عالما بالجناية ولا مال له : إنها تسلم إن لم يكن فيها فضل ، وإلا تبع بقدر الأرش أو الباقي بحساب أم الولد على أحد الأقوال ، ولا بد أن تستبرأ الأمة الجانية ، إن لم يظهر حمل ، ولا يتهم في الإقرار بالوطء كانت وخشا أم لا . قال بعضهم : إن حملت فالقيمة إنما تكون يوم الحمل لا يوم الحكم ; لأن فوتها بالحمل ، وإن كان له مال قومت بمالها عند ابن القاسم وغيره ، بخلاف أم الولد الذي اختلف في تقويمها ، والفرق : تعلق الجناية برقبة هذه ومالها ، ووطؤها منع من رقبتها بالحمل وهو حادث ، وأم الولد ممنوعة الرقبة ، فاحتيج في قيمتها لما لها ، وإذا وطئ الأمة عالما وسلمها لا شيء عليه في الولد ، والابن يطأ من تركة أبيه يلزمه قيمة الولد ; لأن الأمة الجانية لا تسلم بولدها وإن حدث بعد الجناية ، وفي الدين تباع مع ولدها ، وألزم الواطئ عالما الأرش ، ولم يحلف إنه لم يقصد التزام الأرش ، كما إذا أعتق عبدا بعد الجناية ; لأنه في العتق ( يقول : أردت ) أن يتبع هو بالأرش في ذمته ، ولا حجة له في الحمل ، وواطئ الأمة من تركة أبيه إنما يلزمه الأقل من قيمتها أو الدين ; وإن وطئها عالما بالدين لا يلزمه الدين كله ، فما يلزمه الأرش كله في الجنايات إذا علم بجنايتها ; لأن الدين لا يتعلق بعينها خاصة ، وإنما الحكم : أن تباع فيه ، فإن كان أقل فهو الذي أتلف على الغرماء ، وإن كان دينهم أقل فلا حجة لهم ، والجناية متعلقة بالرقبة ، ولو هلكت الرقبة بطلت الجناية . قالالتونسي : في الموازية : إذا جنت أم الولد يفديها بالجناية كلها أو يسلمها . قال : وهو صواب ; لأنه إذا قدر على إسلامها لم يفدها إلا بالجناية كلها كالعبد ، والأحسن : تقويم أم الولد بحالها ; لأنها لو كانت أمة أسلمها بما لها ، فكذا يجب أن يفديها ، وفي الكتاب خلافه ، [ ص: 237 ] ولذلك إذا ولدت من غير سيدها أن يسلم الولد معها ; لأن الجناية متعلقة بعينها ، وهو من نمائها فيكون للمجني كما لو هلكت ضمانها منه ، وكذا إن اعتلت علة بعد الجناية أسلمها معها ، وإذا مات ولا مال له فلا شيء عليه ولا عليها ، وقال غيره : ذلك عليها ; لأنها الجانية ، وفي الموازية : إن ترك السيد مالا أخذت الجناية من ماله ، وقد يقال : لا شيء على السيد إن ترك مالا ; لأنه إنما بطلت بقيتها يوم يقام عليه وله مال والتركة ملك غيره بالإرث إلا أن يقال : الجناية متعلقة بذمته ، وإن جني عليها أو مات السيد قبل قبضه فقيل : ذلك لها ، وقيل : لسيدها - وهو الأصوب - وإن جنت الأمة فباعها سيدها ولم يعلم فأولدها المشتري ; فإن افتكها السيد تم البيع ، وإن لم يفدها البائع فداها المشتري بالأقل من قيمتها ، أو دية الجناية ، ويرجع على البائع بالثمن إلا ما يقع على المشتري من قيمة الولد يفض الثمن على قيمة الولد والأم ; كأنه اشتراهما معا ، ورجع على البائع بحصة الأم . قال : وفيه نظر ; لأنه لم يكن معها وقت البيع . قال ابن سحنون : إن جنت أم الولد على رجلين موضحة ، فقام أحدهما فأسلم إليه سيدها قيمتها ولم يعلم بالآخر وكانت قيمة يوم الأرش سواء ، فلم يقم الثاني حتى جرحت ثالثا موضحة ، ثم قام هو والثاني ، رجع السيد على الأول بخمسة وعشرين ; لأنه إنما كان له يوم قام نصف الجناية ، ثم ينظر إلى قيمتها اليوم ، فإن كانت ستين فقد جنى على الثالث فعتقها المفتك وهو فارغ ، والنصف الآخر وهو مرتهن بجناية الثاني فنصف موضحة في النصف الفارغ فيفتكه السيد منه بخمسة وعشرين ; لأنه نصف جنايته أقل من نصف قيمتها الآن ، والنصف الثاني بينه وبين الثاني على ما بقي لهما ، والباقي في جنايته ، وللثاني في جميع جنايته ; فيقتسمان نصف قيمتها ثلاثا وثلاثين : فللثالث ثلاثة عشر ، وللثاني الباقي . وعن ابن القاسم : [ ص: 238 ] إن قام الثاني أو الثالث رجع بنصف ما أعطى الأول ، ويعطي هذين إن شاء دية جرحهما أو قيمتها الآن ، فتكون بينهما نصفين ، وأنكر سحنون قوله : نصفين ودية جرحهما كاملا ، وإن جني على أم الولد فأعتقها قبل أخذ الأرش . قال محمد : هو لها كمالها . وقال أشهب : للسيد ; لأنه استحقه قبل العتق ، وأما العبد يعتقه أو يهبه بعد علمه بالجرح ; فلسيده وإن لم يسلمه ، بخلاف ماله . وقال أشهب في أم الولد : الذمي لا يفديها إلا بجميع الأرش ، فإن جنت فأسلمت قبل الحكم ؟ قال ابن حبيب : يفديها وتعتق عليه ويسلمها ; لأنها مرتهنة بالجناية قبل أن تسلم ، فإن أسلمها وفي ثمنها فضل بيع منها للجناية وعتق الباقي ، وإن كانت كفافا أو أقل من الجناية وقت للمجني عليه ، فإن أسلمت ثم جنت قبل أن يحكم بعتقها عتقت ، وعلى السيد الأقل من جنايتها أو قيمتها كأم ولد المسلم ; لأنه لم يكن يقدر على بيعها ولا إسلامها ، ولو ماتت قبل الحكم يعتقها لورثتها بالرق ، وإن قتلت أخذ قيمتها قيمة أمة ، وإن أسلم فهو أحق بها ، وإن جني عليها فالأرش لسيدها في القياس ، والاستحسان أن يكون لها إن لم يسلم سيدها ، ويعرفهابن حبيب : مرة بالجناية قبل الإسلام أو بعده استحسان ، والقياس عدم الفرق ; لأن إسلامها ليس بعتق ، ولأن الجناية إنما تستحق يوم الحكم ، وقد صادفها ذلك قبل العتق ; فوجب على السيد الأقل من قيمتها أو الأرش ، ولم يكن له أن يسلمها لأنها بالإسلام صار لها حكم أم الولد المسلم ; لأنه حكم بين مسلم وذمي . وعن ابن القاسم : إن أسلمت ثم جنت قبل أن تعتق عليه ( اتبعت بالجناية دون سيدها ، ولا يجتمع أنها تعتق عليه ) ويغرم ، قال اللخمي : إن قتلت أم الولد خطأ ; أربعة أقوال : قال مالك : يفديها [ ص: 239 ] بالأقل من الجناية ، أو قيمتها يوم الحكم . وقال المغيرة : الأقل من الجناية أو القيمة يوم جنت ، وقال ابن عبد الحكم : لا شيء عليه ، بل في ذمتها ، وقال ( ابن الجهم ) : يخير السيد بين أرش الجناية أو يسلم ما بقي له فيها من الخدمة فيستخدمها أو يؤاجرها ، ولا يلحقه من جنايتها أكثر مما يملك ; فإن وفت رجعت إليه ، وإن مات عتقت واتبعت بالباقي ، قال : وهو أبين كالمدبرة ، بل أم الولد أقوى حرية ، فإذا لم تلزمه قيمة المدبرة فأولى هاهنا ، وإذا جنت ثم جنت قبل الفداء ؟ قيل : إن كانت قيمتها مثل أقل الجنايتين فإنها تكون بينهما بالسواء ; لأنه لو انفرد أحدهما أخذ جميعها ، فلا عبرة بالأكثر ، بخلاف المفلس يكون ماله أقل الدينين ; لأن تلك معاملات تؤثر فيها في يديه بالقلة والكثرة بحسب ما تسلم ، وله ذمة تتبع ، وإن استوت الجنايات وقام أحدهما أولا فله الأقل من جنايتها أو نصف قيمتها يوم الحكم له ، فإن قام الأول ولم يعلم بالثاني فافتداه منه السيد ، ثم قام الثاني ، نظر ما ينوب الأول في الحصاص لو علم بالثاني فيترك ، وانتزع منه السيد الفضل ، ثم دفع الثاني الأقل من جنايته ، أو نصف قيمتها اليوم ، وإن علم بالجنايتين فافتدى من الأول دون الثاني حتى جنت على ثالث : فالجناية الثالثة تفض على نصفها لا جناية فيه ، ونصف فيه جناية ، وإذا جنت الأمة ، ثم أولدها سيدها ، يختلف فيها في أربعة مواضع : إن كان غير عالم موسرا ، هل القيمة يوم الحكم أو يوم الحمل ؟ وإن كان معسرا غير عالم : هل تمضي أم ولد ، أو يأخذها المجني عليه ؟ وإن كان عالما موسرا ، هل تعد إصابته رضا فيحمل الجناية أم لا ؟ ( وإن كان معسرا ، أو كان له أن يأخذها هل يتبعه بقيمة الولد أم لا ) ؟ قال ابن القاسم : في [ ص: 240 ] الأول القيمة يوم الحكم ، وفي الثاني تمضي له أم ولد بالأقل من قيمتها أو قيمة الجناية كالمحبل أمة من تركة ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌أبيه ، ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌وفي الموازية : إن كان عالما موسرا فهو رضا بحمل الجناية ، وهذا إذا علم الجناية وما يوجبه الحكم‌‌‌‌‌ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌أنه يمنع منها إلا أن يتحملها ، فإن جهل حلف أنه جهل الحكم . وفي الموازية : إذا حملت بعد الجناية أسلم ولدها معها ; فعلى هذا إذا كان عالما فقيرا وأسلمت الأمة اتبع بقيمة الولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية