صفحة جزء
فرع

قال ابن يونس : أجاز مالك إجارة شهرين : شهر بخمسة ، وشهر بثلاثة ; لأن كل شهر بأربعة إلا أن يريد لكل شهر ما سمى لتقع عليه المحاسبة عند المرض أو الموت ; لأنه يتعين في بيعه .

فرع

في الكتاب : إذا أراد الصناع أو الأجراء تعجيل الأجرة وخالفتهم حملتها على العادة ، فإن فقدت لم يقض بها إلا بعد العمل ; لأنها أحد العوضين ، كثمن البيع لا يستحق إلا بعد تسليم المبيع ، وأما في الدار والراحلة وبيع السلع فيقدر ما مضى ; لأن المدد والرواحل والسلع في حكم المبيع المتعددة ، وليس للخياط بقدر ما خاط من القميص ; لأنه لم يأخذه على ذلك ، قال اللخمي : إذا ضاع بعد تمام الخياطة : قال ابن القاسم : لا أجرة له ، فعلى هذا لا يستحق بخياطة بعضه شيئا لعدم التسليم ، وقال مالك : له الأجرة فيكون له من [ ص: 386 ] الأجر بقدر العمل ، إلا أن تكون مقاطعة ; لأنه لو هلك بعد العمل لم يكن له شيء ، قال ابن يونس : ، كره مالك نقد الكراء في السفن ; لأنها لا تجب إلا بعد البلاغ ، وجوزه ابن نافع ، وقال : له من الكراء بحساب ما بلغ ، فإن عطب قبل الإقلاع وادعيت النقد صدق عليك ; لأن الأصل عدمه ، ولا يشهد بعضهم لبعض للتهمة ، وقيل : يجوز كما في الطريق . وفي الجواهر : لا يتعين تعجيل الأجرة بالعقد ، لكن بالشرط أو العادة ، أو يقارن العقد ما يوجب التقديم ، أو يستلزم التأخير محذورا في العرض المعين ، والطعم الرطب ونحوها ، وإلا فلا يستحق إلا بالتمكين من استيفاء ما يقابل ذلك الجزء ، قال الشيخ أبو الحسن : كلما استوفى منفعة يوم وجب عليه أجرته ، ووافقنا ( ح ) ، وقال ( ش ) ، وأحمد : تملك بالعقد لا لثمن في المبيع ، ولأن العقد سبب لملك العوضين ، والأصل : ترتب المسببات على أسبابها ، لنا ما رواه ابن ماجه قال - عليه السلام - : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) فدل على أن الاستحقاق بعد العمل ، ولقوله تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) والفاء للتعقيب ، ولأن تسليم المنفعة شيئا فشيئا فتكون الأجرة كذلك تسوية بين العوضين ، وبه يظهر الفرق بين الإجارة والبيع والنكاح ، بل ينقلب قياسهم فتقول : لم يسلم أحد لعوضين فلا يجب عليه تسليم الآخر كالبيع ، وينبني على هذا المدرك فرعان : أحدهما : أن المنفعة هل تحدث على ملك الأجير ، وقاله ( ح ) ، وهو مقتضى أصولنا ، أو على ملك الآخذ ، وقاله ( ش ) وأحمد ، وثانيهما كما قال ( ح ) : أن الأجير لا يستحق الأجرة إلا بأحد ثلاثة أشياء : الاستيفاء ، أو الشرط ، أو التعجيل ، قال : إذا أعتق رب الدار العبد المستأجر به ، لم ينفذ عتقه لعدم ملكه بالعقد ، فإن عجله له نفذ العتق ، ولو لم يقبض العبد [ ص: 387 ] حتى سكن شهرا من المدة ، عتق ، على رب الدار حصة الشهر . وعلى المؤجر الباقي ، قال صاحب الجواهر : إن استأجر بعرض معين ، والعرف التأخير فسد العقد عند ابن القاسم إلا أن يشترط التقديم ، وصح عند ابن حبيب ; لأن العرف الفاسد لا يعتبره الشرع ، وهو أصل مختلف فيه بين ابن القاسم والمدنيين ، ويكفي في الاستيفاء التمكن ، وإن لم يستوف ، وقاله الأئمة ، كما لو سلم له المبيع فتلف عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية