الشرط الرابع : 
أن تكون المنفعة مملوكة احترازا من الأوقاف ، والربط ،   
[ ص: 406 ] ومواضع الجلوس من المساجد ، والطرقات ، والمدارس ، وغير ذلك ، وهذا الشرط لم يذكره صاحب الجواهر ; بل اقتصر على سبعة شروط ، ( وغيره ذكر فروعه ولم يذكره ، فأردت أن أنبه عليه . 
قاعدة : فرق أصحابنا وغيرهم من العلماء بين ملك المنفعة وبين ملك أن ينتفع ، فهذه الأمور كلها ملك فيها أن ينتفع ، ولم يملك المنفعة حتى يعاوض عليها ، فلا يجوز لأحد أن يؤاجر بيت المدرسة ، أو موضع الجلوس في المسجد ; لأن الشرع أو الواقف إنما جعل له الانتفاع بنفسه فقط ، وغير ذلك فغير مأذون فيه ; فاعلم هذا الفرق . 
فرع 
في المقدمات : عن  
مالك  في 
كراء دور مكة  أربع روايات : المنع ، وقاله ( ح ) ; لأنها فتحت عنوة ، والجواز ، وقاله ( ش ) ; لأنها فتحت عنده صلحا ، أو من بها على أهلها عندنا على هذه الرواية ، ولا خلاف عن  
مالك  وأصحابه أنها فتحت عنوة ، والكراهة لتعارض الأدلة ، وتخصيصها بالموسم لكثرة الناس واحتياجهم للوقف ; لأن العنوة عندنا وقف . 
تمهيد : اتفق  
مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  وغيره أنه - عليه السلام - دخل 
مكة  مجاهرا بالأسلحة ، ناشرا للأولوية ، باذلا للأمان لمن دخل دار  
أبي سفيان  ، وهذا لا يكون إلا في العنوة قطعا ، وإنما روي : 
أن   nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد  قتل قوما فوداهم - عليه السلام - وهو دليل الصلح .  
[ ص: 407 ] وجوابه : يجب أن يعتقد أنه أمن تلك الطائفة وعصم دماءهم جمعا بين الأدلة . 
تنبيه : مقتضى هذه المباحث والنقول أن يحرم 
كراء دور مصر  وأراضيها   ; لأن  
مالكا  قد صرح في الكتاب وغيره أنها فتحت عنوة ، ويلزم على ذلك تخطئة القضاة في إثبات الأملاك وعقود الإجارات ، غير أن 
أرض العنوة اختلف العلماء فيها : هل تصير وقفا لمجرد الاستيلاء ، أو للإمام قسمتها كسائر الغنائم ، أو هو مخير في ذلك ، والقاعدة المتفق عليها : أن وسائل الخلاف إذا اتصل ببعض أقوالها قضاء الحاكم تعين ذلك القول وارتفع الخلاف ، فإذا قضى حاكم بثبوت ملك في أرض العنوة ثبت الملك وارتفع الخلاف ، وتعين ما حكم به الحاكم ، هذا التقرير يطرد في 
مكة  ومصر  وغيرهما . 
تنبيه : 
 nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد  مصري ، وهو يقول : فتحت 
مصر  صلحا ، ووافقه المؤرخون ، فكيف يستقيم قول  
مالك  مع أنه حجازي ،  
والليث  أخبره ببلده لا سيما والتواريخ تعضده ؟ ! . 
الجواب : قيل : إنها فتحت صلحا ، ثم نافقت ففتحت عنوة بعد ذلك ، وهذا مشهور في 
الإسكندرية  أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص  قاتلها مرتين ، وأنها نافقت بعد الفتح ، فأمر غيرها كذلك ، وكان تبعا لها .