صفحة جزء
الشرط الخامس : كون المنفعة غير متضمنة استيفاء عين ، وقاله الأئمة ، قال في الجواهر : احترازا من إجارة الأشجار لثمرها ، أو الغنم لنتاجها ولبنها وصوفها ; لأنه بيع للمعدوم وليس سلما ، ويستثنى من ذلك الشجرة تكون في الدار ثلث الكراء لأنها تبع ، والمرأة للرضاع والحضانة مع تضمنه لأعيان اللبن [ ص: 408 ] للضرورة . وفي الكتاب : تجوز إجارة الظئر على الرضاع ، وقاله الأئمة ، ونص الشافعية على إجارة البئر للاستقاء ، والدار فيها بئر ، وفي الكتاب : تجوز إجارة الظئر حولين ، ولها اشتراط طعامها وكسوتها ; لأنه منضبط عادة ، ويمنع زوجها من وطئها إن أذن في الإجارة ; لأن الوطء يقطع اللبن بالحمل أو يقله أو يفسده لما بين الثدي والرحم من المشاركة عند الأطباء ، وإلا فله فسخ الإجارة لحقه في الوطء ، وترضع حيث اشترطوا وإلا فعند الأبوين لأنه العادة ، إلا من لا ترضع مثلها عند الناس ، أو أب خسيس لا يؤتى إليه ، ويحمل كلف الصبي في دهنه وغيره على العادة ، وإذا حملت وخيف على الصبي فلهم فسخ الإجارة للضرر ، ولا يلزمها أن تأتي بغيرها لذهاب المنفعة المعينة ، وتنفسخ الإجارة بموت الصبي قياسا عليها . ولأن خلق الصبيان تختلف ولها بحساب ما أرضعت .

نظائر : في المقدمات : المستوفى به المنفعة لا يحصل الفسخ إلا في أربع مسائل : صبيان ودابتان : صبي الرضاع ، وصبي المكتب ، ودابة الرياضة والتي ينزى عليها ، وقاله الأئمة في صبي الرضاع ، وفي الكتاب : إن سافر الأبوان فليس لهما أخذ الصبي إلا أن يدفعا لها جميع الأجرة ; لأن العقد لازم لهم .

فائدة : قال صاحب التنبيهات : الظئر : المرضع - بكسر الظاء - مهموزا ، وقد سهل ، وجمعه ظؤرة - بضم الظاء وسكون الهمزة - مثل غرفة ، ووقع في المدونة بضم الهمزة ، والأول الصواب ، ويجمع على ظؤار أيضا بالضم ، وأصله من الظآر بالكسر وهو عطف الناقة على ولدها ، قال صاحب النكت : إذا مات زوج الظئر وقد اشترط المقام عند الصبي رجعت لبيتها تعتد فيه ; لأن العدة أقوى من الشرط لكونها لحفظ النسب ، وهو مهم في نظر الشرع ، والفرق بين الظئر [ ص: 409 ] تخرج ، وبين المعتكفة لا تخرج : أن المعتكفة يمنعها من الفساد المسجد والاعتكاف ، فأمكن الجمع بين مصلحة العدة والعبادة ، قال ابن يونس : إذا شرطت الظئر مؤنتها لا يدخله طعام بطعام إلى أجل ; لأن النهي إنما ورد في الطعام المعتاد ، والرضاع لا يفهم عند إطلاق لفظ الحديث ، وقال أصبغ : لا يمنع الزوج الوطء إذا أذن إلا أن يشترطوا عليه ، أو تتبين ضرورة . وقاله ( ش ) ; لأن الحمل موهوم لقوله - عليه السلام - ( لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ) ولم ينه عنها ، وقول ابن القاسم أصلح ; لأن الزوج لا يكون موليا بترك الوطئ لمصلحة الولد ، وقاله ( ش ) ، وليس للزوج السفر بها إن أذن لها ، وإلا فله ، وينفسخ العقد ، قاله ابن عبد الحكم ، وإذا مات زوجها : قال ابن عبد الحكم : لهم فسخ الإجارة لفوات المبيت عندهم ، وقال ابن حبيب : إن لم تكن عادة في حمل كلف الصبي لم يلزمها إلا الرضاع ، إلا أن يشترط غيره ، قال اللخمي : تجوز الإجارة على الصبي الحاضر والغائب إن ذكر سنه ; لأن الرضاع يختلف باختلاف السن ، والأحسن تجريب رضاعه في قوته في الرضاع لأنه متقارب ، ومنع سحنون إلا بعد معرفته ، وليس لذات الزوج إجارة نفسها إلا بإذنه لاشتغالها بذلك عنه ، وألزم مالك إجارة الرضاع لذات الشرف ، قال : وأرى إن دخلت معرة على غيرها أن يفسخ ، وإذا مرضت الظئر انفسخت الإجارة إن لم يرج برؤها عن قرب ، وإن تبين خلافه : هل يمضى الفسخ لأنه حكم مضى أو يرد لتبين الخطأ ؟ كما اختلف في أخذ دية العين لنزول الماء ، ثم يذهب أو أخطأ الخارص ، فإن سجنت بكفالة في حق فكالمرض ينظر فيه إن [ ص: 410 ] تكفلت قبل الإجارة وإلا لم تسجن ; لأن الكفالة تطوع وليس لها التطوع بما يبطل الإجارة ، وفي كتاب ابن سحنون : لا يفسخ بموت الصبي ويؤتى بخلفه قياسا على غيره ، وإذا مات الأب قبل نقد الأجرة فسخ العقد ، مات موسرا أم لا لخراب ذمته بالموت ، وانتقال التركة للورثة ، فإن كان نقد : ففي الكتاب : ما بقي ( من الرضاع بين الورثة ، وقال أيضا : ما بقي ) مما قدم بينهم ، وليس بمنزلة الهبة ، بل بمنزلة النفقة ، تقدم ، وتبين عدم الاستحقاق ، وقال أشهب : ذلك للصبي دون الورثة كأنه وهبه له فقبضه ، وكذلك أجرة معلم الكتاب ، قال : وأرى إن مات الأب بعد سنتين يكون الباقي للصبي ; لأنه هبة ، أو في أول العقد كانت السنتان الأوليان ميراثا ; لأن الأب كان يظن أنها واجبة عليه فتبين خلافه ، وإن استأجر الأب ظئرا ثم ماتت الأم فحصل للصبي مال ميراثا : فالقياس : استئناف العقد ; لأنه بيسره سقط عن الأب رضاعه ، والاستحسان إمضاء ذلك ويأخذ الأب ما قدمه من مال الصبي إلا أن تكون في الأجرة محاباة فيسقط الغبن عن الابن .

فرع

في الكتاب : إن مات الأب قبل النقد معسرا : فلها فسخ الإجارة للضرر ، ولو تطوع أحد بأدائها لم يفسخ لانتفاء الضرر ، وما وجب فيما مضى ففي ذمة الأب ، ولو أرضعته باقي المدة لم تتبعه بشيء ، وكذلك لو قالت : أرضعته على أن أتبعه فهي متبرعة لظاهر حال الصبي ، كمن أنفق على يتيم لا مال له ، وأشهد أنه يتبعه ، قال صاحب النكت : لا يكون ما قدمه الأب لمعلم الصبي [ ص: 411 ] ميراثا بخلاف الظئر ، والفرق : أن التعليم لا يجب عليه بخلاف الرضاع ، فلم يقصد الهبة إلا أن يعلم أنه قدمه خوف الموت فيكون هبة للصبي لا ميراثا ، وتستوي المسألتان ، قاله محمد .

فرع

في الكتاب : تجوز إجارة العبد الصانع على أن يأتيك بالغلة ما لم تضمنه أو تشترطه عليه في أصل الإجارة خراجا معلوما ; لأنه قد يعجز عنه ، ووضعه عليه بعد العقد من غير ضمان جائز ; لأنها منفعة ملكها بالعقد الصحيح ، قال اللخمي : عن مالك : منع استئجاره على أن يأتيه بالخراج ، وهو أصله فيمن اشترى شيئا على أن يعمل له ينظر إلى ما يصير إليه ذلك المشتري : إن كان مجهولا امتنع كالزرع على أن على البائع حصاده ودراسه ، والزيتون على أن عليه عصره فيمنع للجهل بصفته بعد الخروج ومقداره ، وهذا يدفع دنانير لا يدري ما يتحصل له بها في مدة الإجارة ، ويجوز أن يجعل عليه خراجا مضمونا إن كان الثمن عرضا ويأتيه بأحد النقدين ، وبالعكس حذرا من بيع النقد بالنقد ، وفي الكتاب : تمنع إجارة الأجير سنة بدنانير ; ليعمل لك في السوق على أن يأتيك بثلاثة دراهم كل يوم ; لأنه صرف مستأخر ، وإن كان على أن يعطيك به طعاما كان سلما بغير سعر معلوم ، وقد يكثر ويقل بالغلاء والرخص ، وقال ابن يونس : فإن اشترط عليه كل يوم مكيلة معلومة موصوفة : أجازه محمد ، وكرهه ابن القاسم لتخيل السلم الحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية