صفحة جزء
فرع : منع مالك وأصحابه مع القراض شرط سلف أو بيع أو كراء أو إجارة أو قضاء حاجة ; لأنها إجارة بأجرة مجهولة ، ولا يشترط أحدكما لنفسه شيئا خالصا ; لأنه غرر ، فإذا نزل ذلك فهو أجير إلا أن يسقط الشرط قبل العمل ، قال صاحب المقدمات : شروط القراض ثلاثة أقسام : ما يخرجه عن سنة [ ص: 72 ] القراض وما لا يخرجه - وهو قسمان ما يجوز ابتداء من غير كراهة مثل أن لا يشتري حيوانا ولا يركب البحر ، ولا يخرج من البلد ونحوه ، وما يكره ابتداء ، فإن نزل مضى كالتجار ينزلون بمكان فيعطي أحدهم الآخر المال على أن يشتري ويبيع منهم ونحوه ، وما يفسده يفسخ به قبل العقد وبعده ، ويرد إلى مساقاة المثل أو قراض المثل ، بخلاف المساقاة التي يرد فيها إلى مساقاة المثل ، لا تفسخ بعد العقد ، وحيث يفسخ فيتمادى في بيع عروض القراض حتى ينض المال .

وحكى عبد الحق عن بعض الصقليين : لا يفسخ ما يرد فيه إلى قراض المثل بعد العمل - كالمساقاة - يريد إذا عثر عليه بعد الشغل في السلع لا يردها سلفا ولا يجبر على بيعها إلا في سوقها ، ولا يريد التمادي بعد نضوض المال فليس حينئذ خلافا لقول ابن حبيب ومحمد المتقدم ، والفرق : أن المساقاة لها أجل فينتظر ، وإن كان أعواما ، والقراض لا أجل له بل نضوض المال ، فإذا شرع استوى قراض المثل ومساقاة المثل في التمادي إلى الأجل المعين اللآئق بهما ، وفي الكتاب إذا شرطت أن يسلفك العامل فهو أجر الربح ; لأنه نفع ، فلو اشترطت إخراج مال من عنده يعمل به مع مالك امتنع ، لانتفاعك بتكثير المال ، قال ابن يونس : قال أصبغ : إلا أن يقل حتى لا يقصد به التكثر ، وإن وقع الكثير أمضيته على قراضهما ما لم يقصد تكثير الربح . قال اللخمي : إذا شرطت عليه ضمان المال - إن هلك ، وأنه غير مصدق في دعوى الهلاك - سقط الشرط ولم يضمن ، وله قراض المثل عند ابن القاسم ، وقال مالك : الأقل من المسمى أو من قراض المثل .

فرع : في الكتاب يمتنع بيعك عبدا من القراض بغير إذن العامل وله رده [ ص: 73 ] وإجازته ; لأن العمل مفوض إليه بعقد يوجب استحقاقه ، بخلاف الوكيل فلا ينزع التصرف من يده كالأجير ولم يوقفه ( ح ) على إجازته كالوكيل .

فرع : في الكتاب يكره أخذ القراض على أن لا يشتري به حتى يبلغ ذلك البلد المعين ; لأنه تحجير ، قال ابن يونس : وعند ابن القاسم جوازه ; لأنه قد يكون مقصد القراض ، قال اللخمي : سفر العامل ومنعه ستة أقسام إن لم يشترط المقام ولا السفر فله السفر عند مالك ; لأنه شأن القراض وقاله : ( ح ) ، ومنع ( ش ) السفر إلا بإذنك للغرر بالمال في البراري والبحار وجوابه الإذن العادي حاصل في ذلك ، ووافق ابن حبيب ( ش ) ، قال : والحق أنه إن كان شأنه السفر سافر ، أو صانعا أو مديرا شأنه الإقامة لا يسافر ، وإن حجر عليه في السفر جاز وقيل : يمتنع ; لأن المتجر قد يضيق عليه كلاهما لمالك ، فإن خالف فهو متعد ضامن ، وإن أباح له السفر مطلقا أو موضعا معينا أو المواضع إلا موضعا معينا جاز ، وإن شرط عليه السفر ومنعه من التجر في البلد ، منعه ابن القاسم ، وأجازه أصبغ ، وعلى أصله يجوز أن يقارضه فيما يدخر يجوز ; لأن تأخيره كالتأخير عن البلد ولو كان شأنه السفر فاشترى ما يجلس به للتجارة فهو متعد ، وكذلك لو كان بزازا فاشترى غير شأنه .

فرع : في الكتاب يمتنع بيعه بالنسيئة إلا بإذنك خلافا ( ح ) فإن فعل ضمن ; لأنه الذي غرر بالمال ، وإن احتال بالثمن على مالئ أو معدم إلى أجل ضمن قيمته [ ص: 74 ] يوم البيع إذا تلف ، وإذا باع بالنقد فاحتال ضمن الثمن بعينه .

فرع : في الكتاب لا يشترط عليه أن لا يشتري إلا البز للتحجير ، إلا أن يكون موجودا في الشتاء والصيف ، وقاله : ( ش ) ، وجوزه ( ح ) في النادر كالوكالة وحيث جاز الشرط فلا يتعداه ولا يبيع البز بعرض غيره لئلا يبتاع غير البز ، وله اشتراط ذلك بعد أخذ المال وقبل تحريكه في شيء ، ولك اشتراط أن لا ينزل واديا ولا يسير ليلا ولا في بحر ولا يشتري سلعة كذا ، فإن فعل ضمن ، فإن اشترطت أن لا يشتري سلعة بعد العقد فاشتراها ضمن ، ولك أخذها للقراض ; لأنه شراء فضولي - تصح إجارته ولك تضمينه المال ، فلو باعها فالربح على شرطكما ، والوضيعة عليه خاصة للمخالفة ، وكذلك إن سلف من المال ما اشترى بها سلعة لنفسه ، ضمن الخسران للشراء لنفسه - والربح بينكما للشراء بمال القراض ، وإذا اشترى المنهي عنه فحصل فيه وضيعة ، أو تجر بما تعدى فيه فخسر فقال غرماؤه : أنت أسوتنا ، إن ضمنته فأنت أحق بالعين منهم ; لأنه مالك وإن شئت أن تشركه في السلع أو تسلمها أو تضمنه رأس المال ، فإن أسلمتها كنت أسوة بالغرماء ، وإن نهيته عن الخروج بالمال من مصر فخرج به ورده عينا قبل أن يتجر فيه ، فتجر بمصر فخسر أو ضاع ، لم يضمن لرده قبل تحريكه ، كراد الوديعة بعد إنفاقها ، وإن هلكت بعد تجهزه للسفر ، فله الخروج لحقه في ذلك بالعقد ، فإن شرطت للعمل حانوتا معينا أو سوقا أو لا يشتري إلا من فلان ، أو على أن يزرع امتنع للحجر وهو أجير ، والزرع والربح والخسارة لك وعليك ، قال صاحب القبس : لا يشتري إلا من فلان وهو متسع الحال يجوز عند أصحابنا [ ص: 75 ] قياسا على الصنف المتسع . قال ابن يونس : إن لم يشغل حتى نهاه عن التجر فاشترى متعديا ضمن المال والربح له كالمشتري بوديعة سلعة ، بخلاف نهيه عن سلعة فيشتريها ; لأنه مأذون له في حركة المال من حيث الجملة فليس له أن يستبد بالربح بتعديه ، وهذا ما لم يقر بشرائها للقراض ، وإلا فالربح على القراض ، ولا يخرجه ذلك من الضمان ، وليس له منعه من السفر بعد الشراء ، لتعلق حقه بالسفر ، قال اللخمي : لك نهيه على أحد القولين بعد شغل المال فيما لا غاية له كالكراء مشاهرة ، واختلف إذا اشترطت عليه أن يزرع به فأجيز وكره ، فإن زرع من غير شرط جاز ، فإن خسر ; لأنه لم يتم أو لرخص السعر لم يضمن ، وإن ظلم ظلما حادثا لم يضمن ، أو متقدما وهو عالم به ضمن كانت الخسارة من الزرع أو الظلم ; لتعديه في أصل فعله ، والثمن في ذمته في أول ما زرع ، وإن عمل مساقاة بشرط فعلى الخلاف ، أو بغير شرط جاز على ما تقدم في الزرع ، وإن أخذه على أن لا يتجر إلا في البز فتجر في غيره فخسر ضمن ، أو ربح فعلى القراض ; لأنه لا يجوز الربح بتعديه ، والقياس أن له الأقل من ثلاثة : المسمى ، أو قراض المثل ، أو أجرة المثل . قال التونسي : إن تعدى فأسلم في طعام ، قال ابن القاسم : يغرم رأس المال وينتظر بالطعام حتى يقبض ، فإن كان فيه ربح اقتسماه ، وفي كتاب محمد إذا قام غرماؤك بعد خروجه بالمال وأمكن بيع السلع بيعت وأخذه الغرماء ، وأما غرماؤك فلا شيء لهم إلا بعد وصول المال إليك لعدم استحقاقه قبل ذلك ، قال : والأشبه ألا يكون ذلك أيضا لغرمائك لتعلق حقه ويمتنع أن [ ص: 76 ] يشترط عليه شراء حيوان للنسل أو للغلة ، أو يشتري بدين ، للتحجير وما تسلف أو اشتراه بدين بأكثر من رأس مال القراض ، فربحه له دونك ; لأنه ضمن الأصل ، ولو اشترى ظهرا فأكراه ضمنه ابن القاسم ، وإن لم يشترط عليه غرم ذلك ، بخلاف أن يزرع ; لأن الغالب أن القراض لا يقصد لذلك ، قال : مع أن هذا الفرق يشاركه الزرع فيه . قال صاحب النكت : إذا أخذ المال ليشتري به سلعة أي أخذه قبل شراها ولم يسمها لك ولا بائعها بل قال : وجدت سلعة رخيصة فأعطى ثمنها جاز ، وقد فعله عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، وإن قلت : اشتر لي سلعة فلان امتنع ; لأنه قراض على أن لا يشتري إلا سلعة معينة فإن نزل غرم مثل المال الذي قبض والسلعة له ، وينبغي أن يكون في هذا القراض أجيرا وقاله محمد ، وإنما يغرم مثل ما قبض إذا اشترى ولم ينقد .

فرع : في الكتاب لا يشتري بأكثر من رأس المال ليضمن ما زاد دينا في القراض ; لأن سنة القراض ألا يشتري عليه بالدين فالربح حينئذ لك ، وإن اشترى بأكثر من رأس المال ونقد فهو شريك بما زاد ; لأنه ضم قراض إلى قراض ، وإن كان الزائد دينا عليه لا على القراض ، قوم بالنقد وشارك بالقيمة ، قال صاحب التنبيهات : قوله إذا كان رأس المال ألفا فاشترى بألفين يكون شريكا ، قال ابن لبابة : معناه اشترى بالزائد لنفسه ، ولو اشترى للقراض خيرت كما قاله في الكتاب ، وقال فضل : بل لو اشترى للقراض ، ومعنى قوله شريكا : أن لرب المال [ ص: 77 ] الدفع . قال ابن يونس وإذا اشترى بدين على القراض ، قال محمد : يكون ربح السلعة التي اشتريت بذلك خاصة وخسارتها له وعليه لضمانه قيمتها ، ويمتنع أن يبتاع زائدا ويطلب منك الثمن على القراض لتعلق ثمنها بذمته عند الشراء ، ويمتنع أن يشتري حتى يبيع ويوفيه ; لأنه دين على القراض ، قال محمد : يمتنع الشراء بالدين على القراض والسلف علي أذنت فيه أم لا ; لأنك تأخذ ربح ما ضمنه في ذمته ، لا ربح مالك ، قال ابن القاسم : لو اشترى بمال القراض وهو في بيته واستلف ما نقد منك أو من أجنبي فنقد ، ثم باعها واشترى بمال القراض فربح السلعتين وخسارتهما أو إحداهما في القراض ، ويجبر خسارة إحداهما بالربح في الأخرى ; لأنه كان يمكنه نقده عاجلا ، وعن مالك : إذا اشترى قراضا دينا عليه ، قومت السلعة المشتراة بذلك الزائد ، وأنكره سحنون بل يقوم الزائد كما ذكره في الكتاب ; لأنه الذي حصلت به الشركة ، قال اللخمي : إن لم يكن مديرا فكما تقدم في التداين على القراض ، والإجاز على أن يشتري بما ليس معه على النقد ليدفع من القراض ; لأنه لا يستغني عن ذلك .

فرع : في الكتاب إذا عجز بعض الثمن فأخذ من رجل قراضا فنقده بها لم أحب ذلك ، لئلا يكون قد استغلاها ، وإن سألك أن تنقد عنه ثمن سلعة ويكون قراضا بينكما امتنع ; لأنه سلف للنفع ولك مالك والربح والخسارة له وعليه لفساد العقد ، قال ابن يونس : قال محمد : إن لم يكن استغلاها إذا عجز بعض الثمن أجزته وأكرهه ابتداء ، قال ابن حبيب : إن انكشف أنه استغلاها رجع عليه [ ص: 78 ] بالزيادة على قيمتها يوم الشراء دون يوم البيع ، قال محمد : لو كان أخذ مالك لينقده في سلعته على أنها قراض قبل أن يستوجبها وتجر ، عليه ضمانها وإن لم يسمها جاز ، كأصل القراض .

فرع : في الكتاب إذا قيم عليه بالعيب فحط أكثر من قيمته أو أقل أو اشترى من والده ، فما كان نظرا بغير محاباة جاز ، ولو اشترى بجميع المال عبدا فرده بعيب فرضيته منعت ; لأن له حقا في جبر الخسارة بفضله ، إلا أن يقول أنت إن لم ترض أترك القراض ، ولو رضي هو بالعيب على وجه النظر ، جاز لتفويض الأمر إليه دونك .

فرع : في الكتاب إذا نقد الثمن بغير بينة فجحده البائع ضمن ، وكذلك الوكيل ، فلو علمت قبضه للثمن بإقراره ، فلك تغريمهما لتعديهما ، إلا أن يدفعا المال بحضرتك ; لأنه حينئذ برضاك فلا تعدي ، قال ابن يونس : قيل : إن دفع الثمن قبل قبض السلعة ، غرم قيمتها لتفريطه .

فرع : قال ابن يونس : قال في الكتاب : لو قتل عبدا من القراض عبد لرجل فاختلفتما في القصاص والعفو على مال ، قدم العافي وجعل المأخوذ قراضا موضع العبد ; لأنه أقرب لوضع القراض ، وقال ( ش ) إن لم يكن في المال ربح قبل القتل فلك القصاص لعدم حق العامل ، وإن عفوت على مال ، فهو موضعه للقراض ، [ ص: 79 ] وإلا فليس لك القصاص إلا برضاه ، ولو قتله سيده ، فقيمته في القراض ، قال اللخمي : إذا كان بعض المال واتفقا على القصاص جاز ، ولا يحط من رأس المال كالذي يهلك منه ، وإن طلبت القصاص والمقتول جميع المال ولا فضل فيه ، وقال سيد القاتل : أفتدي أو أسلم قدمت ; لأنك مالك ، ولا حق للعامل حينئذ وإن كان في المقتول فضل ، وقال سيد القاتل : أفتدي أو في القاتل فضل وقال أسلمه ، قدم العامل في عدم القتل لحقه في المال ، ولا يقبل قول العامل في القصاص - كان فيه فضل أم لا ، لاختصاص تصرفه بتنمية المال ، قال صاحب التنبيهات : قوله في الكتاب : لك القصاص إذا لم يكن في العبد فضل ، قال ابن سلمة : كيف يكون ذلك لك والعامل يتوقع ارتفاع سوقه ، قال صاحب التنبيهات : تأمل قوله في الكتاب : وهذا في القتل ، فإنه يدل على أن الجراح بخلافه ، قالوا : لأن في القتل مفاصلة ، وفي الجراح يبقى العبد بيد العامل فيكون القصاص تنقيصا لرأس المال ويجبره العامل بالربح .

فرع : قال اللخمي : إذا تجر في القراض لنفسه ضمن الخسارة والتلف لتعديه ، والربح على القراض إن كان التجر في وقت الإذن ; لأن تعديه لا يملك الربح ، وإلا فله ، لتمحض الغصب ، وإن أخذه ليعمل به في البلد في صنف بعينه وأمكنه العمل فيه فاشترى غيره فالربح على القراض ، والقياس على الأقل من المسمى أو قراض المثل نظرا للعقد ، ولكونه عمل على غير المستأجر عليه ، وإن تجر لنفسه حين تعذر التجر في ذلك الصنف ; فالربح له لانتفاء الإذن بالتعذر ، [ ص: 80 ] وإن تجر في ذلك الصنف وباعه واشترى غيره وكان أخذه للمال على وجبة واحدة وربح ، فالصفقة الثانية له إلا أن يحسبه عنك فيكون له كالغصب ، وإن أخذه ليشتري به من البلد الذي يخرج إليه فاشترى قبل خروجه وباعه هناك ; فالربح والوضيعة له وعليه ; لانتفاء الإذن من الشراء ، وإن قارضته ليشتري عبد فلان فسد العقد ، فإن اشترى غيره لنفسه بعد امتناع سيد العبد من بيعه ، فالربح له ; لانتفاء الإذن والتمكن ، وإن كان قبل طلبه ويعلم أنه يبيعه ، فالربح للقراض ; لأنه لا يأخذ الربح بتعديه مع إمكان المأذون فيه .

فرع : قال اللخمي : يمتنع بيع أحدكما عرض القراض قبل ، أو أن يبيعه ويرد ; لأنه مناقض لمقصود القراض ، فإن فات به المشتري مضى بالثمن ، قال والقياس أن يغرمك العامل ما يتوقعه من الربح إن بعت .

التالي السابق


الخدمات العلمية