الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت ذلك فصورة هذه المسألة في رجل تيمم ينوي استباحة الصلاة معتقدا أنه محدث وصلى بعد تيممه ثم ذكر أنه كان جنبا فتيممه جائز وصلاته ماضية ، ولا إعادة عليه وبه قال أبو حنيفة ، وقال مالك : لا يجزئه التيمم والصلاة وعليه أن يعيدها استدلالا بأن اتفاق موجبها مع اختلاف حكمها لا يوجب نيابة أحدهما عن الآخر ، كمن ظن أن عليه عصرا [ ص: 251 ] فصلاها ثم بانت ظهرا ، ولأنه تطهر عن حدث فوجب أن لا يجزئه عن طهارة الجنابة كالواجد للماء ، ودليلنا هو أنهما طهارتان متفقتان في الصورة والنية ، فلم يكن الخطأ فيهما مانعا من إجزائهما قياسا على المرأة إذا اغتسلت من جنابة فكان حيضا ، أو المحدث يتوضأ عن صوت وكان نوما ، ولأنه تيمم عن أحد الحدثين ، فوجب أن يكون الخطأ فيه غير مانع من الإجزاء قياسا على ما إذا تيمم عن جنابة فكان محدثا ، فكذا إذا تيمم عن حدث فكان جنبا ، فالمعنى الذي ذكرنا ، فأما الجواب عن استشهادهم بالصلاة فمن وجهين :

أحدهما : أن تعيين النية في الصلاة واجب ، وتعيينها في الحدث غير واجب .

والثاني : أن الأحداث إذا اجتمعت تداخلت ، والصلوات إذا ترادفت لم تتداخل ، وأما قياسه ، على الماء فالمعنى فيه : أن طهارة الجنب بالماء أعم من طهارة المحدث فلم " يجزه وطهارة الجنب بالتراب كطهارة المحدث فأجزأه .

التالي السابق


الخدمات العلمية