الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكذلك كل خيار بشرط جائز في أصل العقد " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، ويريد به أن جميع ما تقدم من المسائل في عتق المشتري ، وعتق البائع ، ووطء المشتري ، ووطء البائع ، ونتاج البهيمة ، إذا حدث في خيار الثلاث ، فحكمها على ما مضى في خيار المجلس سواء .

وانتقال الملك في خيار الثلاث كانتقاله في خيار المجلس على ثلاثة أقاويل .

نحن نوضح معانيها بالتفريع عليها ، فمن ذلك :

أن يشتري أمة ، فتحيض بعد العقد وقبل تقضي الخيار ، فإن قلنا : إن المشتري لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، لم تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء .

وإن قلنا : إنه قد ملك بالعقد أو إنه موقوف مراعى ، فعلى وجهين :

أحدهما : تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لحدوثها في ملكه .

والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه في كتاب الاستبراء : أنه لا تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لأن الفرج في زمان الخيار محظور عليه ، وينبغي أن يقع الاستبراء في زمان الإباحة .

وكذا لو ولدت في زمان الخيار من زنا ، كان وقوع الاستبراء به كالحيض سواء .

فصل : وإذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ففي جواز وطئها في مدة الخيار وجهان :

أحدهما : يجوز له وطؤها : لأنها لا تخلو من أن تكون أمته أو زوجته ، وأيهما كانت ، حل له وطؤها .

والوجه الثاني : وهو ظاهر نص الشافعي : لا يجوز له وطؤها ، قال الشافعي : لأنه لا يدري أيطأ بالملك أم بالزوجية ؟

فإن تم البيع بينهما ، بطل نكاحها ، وصارت أمة يجوز له وطؤها ، وهل عليه أن يستبرئها قبل وطئه أم لا ؟ على وجهين مبنيين على الوجهين ، هل حرم عليه وطؤها بعد العقد وقبل مضي الخيار أم لا ؟ .

فإن قيل : قد حرم عليه وطؤها ، وجب عليه الاستبراء ، لحدوث الملك .

وإن قيل : لا يحرم عليه وطؤها ، لم يجب عليه الاستبراء .

وإن انفسخ البيع بينهما :

فإن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو أنه موقوف مراعى ، فالنكاح بحاله ، وهما على الزوجية .

[ ص: 63 ] وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي فسخ النكاح وجهان :

أحدهما : ينفسخ لوقوع ملكه .

والثاني : وهو ظاهر مذهبه : أن النكاح بحاله لا ينفسخ ، : لأن ملكه وإن تم فهو ملك غير مستقر .

فصل : إذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ثم طلقها ثلاثا في مدة الخيار ؟

فإن تم البيع بينهما ، لم يقع الطلاق ، إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو هو موقوف ، وإن قيل : لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، ففي وقوع الطلاق وجهان :

أحدهما : لا يقع ، لما ذكرنا ، ويحل له وطؤها .

والثاني : قد وقع ، ولا يحل له وطؤها إلا بعد زوج .

وإن انفسخ البيع بينهما ، وقع الطلاق ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .

وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي وقوع الطلاق وجهان . والله أعلم .

فصل : وإذا اشترى زوجته الأمة ، وكان قد طلقها قبل العقد فراجعها في مدة الخيار :

فإن تم البيع ، لم يكن للرجعة تأثير : لأن النكاح قد انفسخ .

وإن انفسخ البيع بينهما ، صحت الرجعة ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .

فإن قيل : قد ملك بنفس العقد ، ففي صحة الرجعة وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية