الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكذلك كل خيار بشرط جائز في أصل العقد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، ويريد به أن جميع ما تقدم من المسائل في عتق المشتري ، وعتق البائع ، ووطء المشتري ، ووطء البائع ، ونتاج البهيمة ، إذا حدث في خيار الثلاث ، فحكمها على ما مضى في خيار المجلس سواء .

                                                                                                                                            وانتقال الملك في خيار الثلاث كانتقاله في خيار المجلس على ثلاثة أقاويل .

                                                                                                                                            نحن نوضح معانيها بالتفريع عليها ، فمن ذلك :

                                                                                                                                            أن يشتري أمة ، فتحيض بعد العقد وقبل تقضي الخيار ، فإن قلنا : إن المشتري لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، لم تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء .

                                                                                                                                            وإن قلنا : إنه قد ملك بالعقد أو إنه موقوف مراعى ، فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لحدوثها في ملكه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه في كتاب الاستبراء : أنه لا تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لأن الفرج في زمان الخيار محظور عليه ، وينبغي أن يقع الاستبراء في زمان الإباحة .

                                                                                                                                            وكذا لو ولدت في زمان الخيار من زنا ، كان وقوع الاستبراء به كالحيض سواء .

                                                                                                                                            فصل : وإذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ففي جواز وطئها في مدة الخيار وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز له وطؤها : لأنها لا تخلو من أن تكون أمته أو زوجته ، وأيهما كانت ، حل له وطؤها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو ظاهر نص الشافعي : لا يجوز له وطؤها ، قال الشافعي : لأنه لا يدري أيطأ بالملك أم بالزوجية ؟

                                                                                                                                            فإن تم البيع بينهما ، بطل نكاحها ، وصارت أمة يجوز له وطؤها ، وهل عليه أن يستبرئها قبل وطئه أم لا ؟ على وجهين مبنيين على الوجهين ، هل حرم عليه وطؤها بعد العقد وقبل مضي الخيار أم لا ؟ .

                                                                                                                                            فإن قيل : قد حرم عليه وطؤها ، وجب عليه الاستبراء ، لحدوث الملك .

                                                                                                                                            وإن قيل : لا يحرم عليه وطؤها ، لم يجب عليه الاستبراء .

                                                                                                                                            وإن انفسخ البيع بينهما :

                                                                                                                                            فإن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو أنه موقوف مراعى ، فالنكاح بحاله ، وهما على الزوجية .

                                                                                                                                            [ ص: 63 ] وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي فسخ النكاح وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : ينفسخ لوقوع ملكه .

                                                                                                                                            والثاني : وهو ظاهر مذهبه : أن النكاح بحاله لا ينفسخ ، : لأن ملكه وإن تم فهو ملك غير مستقر .

                                                                                                                                            فصل : إذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ثم طلقها ثلاثا في مدة الخيار ؟

                                                                                                                                            فإن تم البيع بينهما ، لم يقع الطلاق ، إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو هو موقوف ، وإن قيل : لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، ففي وقوع الطلاق وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يقع ، لما ذكرنا ، ويحل له وطؤها .

                                                                                                                                            والثاني : قد وقع ، ولا يحل له وطؤها إلا بعد زوج .

                                                                                                                                            وإن انفسخ البيع بينهما ، وقع الطلاق ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .

                                                                                                                                            وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي وقوع الطلاق وجهان . والله أعلم .

                                                                                                                                            فصل : وإذا اشترى زوجته الأمة ، وكان قد طلقها قبل العقد فراجعها في مدة الخيار :

                                                                                                                                            فإن تم البيع ، لم يكن للرجعة تأثير : لأن النكاح قد انفسخ .

                                                                                                                                            وإن انفسخ البيع بينهما ، صحت الرجعة ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .

                                                                                                                                            فإن قيل : قد ملك بنفس العقد ، ففي صحة الرجعة وجهان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية