الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الإقرار

باب الإقرار بالحقوق ، والمواهب ، والعارية

مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - : " ولا يجوز إلا إقرار بالغ حر رشيد ومن لم يجز بيعه لم يجز إقراره " .

قال الماوردي : الأصل في الإقرار ولزوم الحكم به :

الكتاب .

والسنة .

وإجماع الأمة .

أما الكتاب فـ - قوله تعالى - : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم [ النساء : 135 ] .

وقال تعالى : قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [ آل عمران : 81 ] .

وقال تعالى : وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا [ الإسراء : 34 ] يعني بوفاء الإقرار ، والتزام حكمه .

وقال تعالى : وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه [ البقرة : 282 ] يعني بالإملاء ، والإقرار به وليتق الله في التزامه فيه .

وقال تعالى : وآخرون اعترفوا بذنوبهم [ التوبة : 102 ] .

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه .

وقال - صلى الله عليه وسلم - : يا أنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها .

[ ص: 4 ] وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزا بإقراره ، ورجم الغامدية بإقرارها ، وقطع سارق رداء صفوان بإقراره ، وقد حكم الخلفاء الراشدون بالإقرار في قضاياهم ، ولم يزل الحكام يعملون عليه ويأخذون به .

ولأن أكثر الحقوق لا يوصل إليها إلا بالإقرار فكانت الضرورة داعية إلى الأخذ به ، والحاجة ماسة إلى العمل عليه .

ولأنه لما لزم الحكم بالشهادة مع احتمالها كان الحكم بالإقرار مع قلة الاحتمال فيه أولى ، وكذلك كتب الحكام في قضاياهم إذا كانت عن شهادة : أن كل ذي حق على حقه ، ولم يكتبوا مثل ذلك في الحكم بالإقرار .

التالي السابق


الخدمات العلمية