الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت ما وصفنا فإن قيل ببطلان إقراره مع التقييد لما يستحيل ، أو مع الإطلاق في أحد القولين فهو مردود ، ولا تفريع عليه . وإن قلنا بصحة إقراره مع التقييد بالممكن ، أو مع الإطلاق في أحد القولين ، فحينئذ يكون التفريع . فنقول لا يخلو حال المقر لحملها من أن تضع حملا أو لا .

فإن لم تضع حملا وكان ما بها غلظا وربحا بطل الإقرار له ، ثم نظر في الإقرار فإن كان قد عزاه إلى وصية بطلت وردت على ورثة الموصي وإن كان قد عزاه إلى ميراث رد على غير الحمل من ورثة مستحقة . وإن كان قد أطلقه أقر في يد المقر لعدم مدعيه .

وإن وضعت حملا ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن تضعه حيا .

[ ص: 35 ] والثاني : أن تضعه ميتا .

فإن وضعته ميتا فالجواب على ما مضى من عدم وضعه ؛ لأن الميت لا يملك وصية ، ولا يستحق إرثا .

وإن وضعته حيا ، فعلى ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تضعه لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فالإقرار صحيح ؛ لأن أقل الحمل ستة أشهر فيعلم بوضعه قبلها أنه كان مخلوقا عند الإقرار فصح له .

والقسم الثاني : أن تضعه لأكثر من أربع سنين من وقت الإقرار فالإقرار باطل ؛ لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين فيعلم بوضعه بعدها أنه لم يكن مخلوقا عند الإقرار فبطل وكان كمن أقر بحمل فلم يوضع .

والقسم الثالث : أن تضعه لأكثر من ستة أشهر وأقل من أربع سنين فلا يخلو حالها بعد الإقرار بحملها من أن تصاب بوطء تصير به فراشا لزوج ، أو سيد ، أو ذي شبهة أم لا . فإن لم يصبها مفترش يلحقه ولدها فالظاهر من تقدم حملها ولحوقه بالوطء قبل الإقرار فيصح الإقرار له كحكمنا بتقدمه ولحوقه بالوطء من قبله .

وإن أصابها بعد الإقرار مفترش تصير له فراشا فالظاهر حدوث حملها ولحوقه بالواطئ بعد الإقرار فبطل الإقرار له كحكمنا بحدوثه ولحوقه بالواطئ من بعده .

فإن وضعت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر ، والثاني لأكثر فإن كان بين الولدين أقل من ستة أشهر فهما حمل واحد ، فعلى هذا يحكم بتقدم الثاني لعلمنا بتقديم الأول ؛ لأنهما حمل واحد . وإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر فهما حملان ، والثاني منهما متأخر فصح الإقرار الأول فتقدمه وبطل الثاني لتأخره ، وسواء كانت في الحالين موطوءة بعد الإقرار أم لا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية