الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما وصفنا فإن قيل ببطلان إقراره مع التقييد لما يستحيل ، أو مع الإطلاق في أحد القولين فهو مردود ، ولا تفريع عليه . وإن قلنا بصحة إقراره مع التقييد بالممكن ، أو مع الإطلاق في أحد القولين ، فحينئذ يكون التفريع . فنقول لا يخلو حال المقر لحملها من أن تضع حملا أو لا .

                                                                                                                                            فإن لم تضع حملا وكان ما بها غلظا وربحا بطل الإقرار له ، ثم نظر في الإقرار فإن كان قد عزاه إلى وصية بطلت وردت على ورثة الموصي وإن كان قد عزاه إلى ميراث رد على غير الحمل من ورثة مستحقة . وإن كان قد أطلقه أقر في يد المقر لعدم مدعيه .

                                                                                                                                            وإن وضعت حملا ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تضعه حيا .

                                                                                                                                            [ ص: 35 ] والثاني : أن تضعه ميتا .

                                                                                                                                            فإن وضعته ميتا فالجواب على ما مضى من عدم وضعه ؛ لأن الميت لا يملك وصية ، ولا يستحق إرثا .

                                                                                                                                            وإن وضعته حيا ، فعلى ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تضعه لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فالإقرار صحيح ؛ لأن أقل الحمل ستة أشهر فيعلم بوضعه قبلها أنه كان مخلوقا عند الإقرار فصح له .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تضعه لأكثر من أربع سنين من وقت الإقرار فالإقرار باطل ؛ لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين فيعلم بوضعه بعدها أنه لم يكن مخلوقا عند الإقرار فبطل وكان كمن أقر بحمل فلم يوضع .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن تضعه لأكثر من ستة أشهر وأقل من أربع سنين فلا يخلو حالها بعد الإقرار بحملها من أن تصاب بوطء تصير به فراشا لزوج ، أو سيد ، أو ذي شبهة أم لا . فإن لم يصبها مفترش يلحقه ولدها فالظاهر من تقدم حملها ولحوقه بالوطء قبل الإقرار فيصح الإقرار له كحكمنا بتقدمه ولحوقه بالوطء من قبله .

                                                                                                                                            وإن أصابها بعد الإقرار مفترش تصير له فراشا فالظاهر حدوث حملها ولحوقه بالواطئ بعد الإقرار فبطل الإقرار له كحكمنا بحدوثه ولحوقه بالواطئ من بعده .

                                                                                                                                            فإن وضعت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر ، والثاني لأكثر فإن كان بين الولدين أقل من ستة أشهر فهما حمل واحد ، فعلى هذا يحكم بتقدم الثاني لعلمنا بتقديم الأول ؛ لأنهما حمل واحد . وإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر فهما حملان ، والثاني منهما متأخر فصح الإقرار الأول فتقدمه وبطل الثاني لتأخره ، وسواء كانت في الحالين موطوءة بعد الإقرار أم لا ؟

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية