الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
الفصل الثاني : الانتقال

والانتقال أن ترى المعتادة حيضها في غير أيام عادتها ، وهو على ضربين انتقال في الزمان ، وانتقال في القدر ، فأما الانتقال في الزمان فهو ضربان : ضرب يتقدم فيه الحيض ، وضرب يتأخر فيه الحيض ، فأما المتقدم فصورته : أن تكون عادتها أن الحيض عشرة أيام من وسط الشهر فتحيض في شهرها عشرة أيام من أوله ، فيصير حيضها مقدما على عادتها وأما المتأخر فصورته أن تكون عادتها أن تحيض عشرة أيام من أول الشهر ، فتحيض في شهرها عشرة أيام من وسطه ، فيصير حيضها متأخرا عن عادتها ، وقد ربما يتأخر بعضه دون جميعه ، وربما تقدم بعضه دون جميعه ، وأما الانتقال في القدر فضربان : ضرب ينتقل إلى الزيادة ، وضرب ينتقل إلى النقصان ، فأما المنتقل إلى الزيادة فهو أن تكون عادتها في الشهر خمسا فتحيض في شهرها عشرا وأما المنتقل إلى النقصان فهو أن تكون عادتها في الشهر عشرا فتحيض في شهرها خمسا ، وقد تجمع المنتقلة بين الانتقال في الزمان ، وبين الانتقال في القدر ، وقد تنتقل عادتها في الطهر كما تنتقل عادتها في الحيض ، فتكون عادتها أن ترى في طهر كل شهر حيضة ، فتصير في طهر كل شهرين حيضة أو تكون في شهرين فتصير في شهر ، فإذا ثبت ما وصفنا ، من حال الانتقال ، فمتى انقطع دم المنتقلة في أيام الحيض ، ولم يتجاوز خمسة عشر يوما فهو حيض ، وإن تكرر مرارا بطل حكم العادة الأولى إلى [ ما انتقلت إليه من الأخرى ، حتى إن استحيضت من بعد وجب ردها عند اعتبار العادة ] إلى ما انتقلت إليه ، دون ما انتقلت عنه فأما انتقالها عن العادة المرة الواحدة ، فقد اختلف أصحابنا هل يبطل به حكم ما تقدم من العادة في الزمان ، والقدر ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قياس قول أبي سعيد أن حكم العادة الأولى لا يبطل بانتقال مرة واحدة ، حتى تعود ثانية فتصير بعودها عادة يبطل بها سالف العادة .

والوجه الثاني : ووجدت أبا إسحاق المروزي اختاره من كتاب الحيض له أن انتقال المرة الواحدة فقد أبطل ما تقدم من العادة ، وصار ما انتقلت إليه عادة ، قال : لأن المبتدأة قد ثبت لها عادة بحيض مرة فكذا غيرها من ذوات العادة .

فرع : وإذا كانت عادتها عشرا من أول كل شهر فرأت قبل الشهر خمسا وإن انقطع دمها [ ص: 430 ] فقد انتقلت عادتها في الزمان بأن تقدمت وفي القدر بأن نقصت وإن تجاوز الدم حتى بلغ خمسا في الشهر ، فقد انتقلت بعض أيامها دون جميعها ، ولم تنقص في القدر إن تجاوزها الدم حتى بلغ عشرا في الشهر فقد انتقلت عادتها بزيادة خمس في القدر تقدمت ، ولم ينتقل زمان العادة في العشر ، فإن تجاوزها الدم حتى تميز العشر فقد دخلت الاستحاضة ، في الحيض لمجاوزة دمها خمسة عشر يوما ووجب ردها عند عدم التمييز إلى عادتها ، وهي العشر السالفة ، وفي ابتداء العشر الذي ترد إليه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي العباس أن ابتداءها من حين رأت فيه الدم في منتهى إشكالها فيكون حيضها خمسا قبل الشهر ، وخمسا بعده ، وما تعقبه استحاضة فترد إلى العادة ، من القدر دون الزمان .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق إن ابتداءها من أول الشهر الذي هو شهر عادتها ، فيكون حيضها من أوله ، وما تقدمه وما تعقبه استحاضة ، فترد إلى العادة في القدر والزمان معا ، فعلى الوجه الأول تكون منتقلة في بعض أيامها ، وعلى الثاني لا تكون منتقلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية