الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            الفصل الثاني : الانتقال

                                                                                                                                            والانتقال أن ترى المعتادة حيضها في غير أيام عادتها ، وهو على ضربين انتقال في الزمان ، وانتقال في القدر ، فأما الانتقال في الزمان فهو ضربان : ضرب يتقدم فيه الحيض ، وضرب يتأخر فيه الحيض ، فأما المتقدم فصورته : أن تكون عادتها أن الحيض عشرة أيام من وسط الشهر فتحيض في شهرها عشرة أيام من أوله ، فيصير حيضها مقدما على عادتها وأما المتأخر فصورته أن تكون عادتها أن تحيض عشرة أيام من أول الشهر ، فتحيض في شهرها عشرة أيام من وسطه ، فيصير حيضها متأخرا عن عادتها ، وقد ربما يتأخر بعضه دون جميعه ، وربما تقدم بعضه دون جميعه ، وأما الانتقال في القدر فضربان : ضرب ينتقل إلى الزيادة ، وضرب ينتقل إلى النقصان ، فأما المنتقل إلى الزيادة فهو أن تكون عادتها في الشهر خمسا فتحيض في شهرها عشرا وأما المنتقل إلى النقصان فهو أن تكون عادتها في الشهر عشرا فتحيض في شهرها خمسا ، وقد تجمع المنتقلة بين الانتقال في الزمان ، وبين الانتقال في القدر ، وقد تنتقل عادتها في الطهر كما تنتقل عادتها في الحيض ، فتكون عادتها أن ترى في طهر كل شهر حيضة ، فتصير في طهر كل شهرين حيضة أو تكون في شهرين فتصير في شهر ، فإذا ثبت ما وصفنا ، من حال الانتقال ، فمتى انقطع دم المنتقلة في أيام الحيض ، ولم يتجاوز خمسة عشر يوما فهو حيض ، وإن تكرر مرارا بطل حكم العادة الأولى إلى [ ما انتقلت إليه من الأخرى ، حتى إن استحيضت من بعد وجب ردها عند اعتبار العادة ] إلى ما انتقلت إليه ، دون ما انتقلت عنه فأما انتقالها عن العادة المرة الواحدة ، فقد اختلف أصحابنا هل يبطل به حكم ما تقدم من العادة في الزمان ، والقدر ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قياس قول أبي سعيد أن حكم العادة الأولى لا يبطل بانتقال مرة واحدة ، حتى تعود ثانية فتصير بعودها عادة يبطل بها سالف العادة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : ووجدت أبا إسحاق المروزي اختاره من كتاب الحيض له أن انتقال المرة الواحدة فقد أبطل ما تقدم من العادة ، وصار ما انتقلت إليه عادة ، قال : لأن المبتدأة قد ثبت لها عادة بحيض مرة فكذا غيرها من ذوات العادة .

                                                                                                                                            فرع : وإذا كانت عادتها عشرا من أول كل شهر فرأت قبل الشهر خمسا وإن انقطع دمها [ ص: 430 ] فقد انتقلت عادتها في الزمان بأن تقدمت وفي القدر بأن نقصت وإن تجاوز الدم حتى بلغ خمسا في الشهر ، فقد انتقلت بعض أيامها دون جميعها ، ولم تنقص في القدر إن تجاوزها الدم حتى بلغ عشرا في الشهر فقد انتقلت عادتها بزيادة خمس في القدر تقدمت ، ولم ينتقل زمان العادة في العشر ، فإن تجاوزها الدم حتى تميز العشر فقد دخلت الاستحاضة ، في الحيض لمجاوزة دمها خمسة عشر يوما ووجب ردها عند عدم التمييز إلى عادتها ، وهي العشر السالفة ، وفي ابتداء العشر الذي ترد إليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي العباس أن ابتداءها من حين رأت فيه الدم في منتهى إشكالها فيكون حيضها خمسا قبل الشهر ، وخمسا بعده ، وما تعقبه استحاضة فترد إلى العادة ، من القدر دون الزمان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق إن ابتداءها من أول الشهر الذي هو شهر عادتها ، فيكون حيضها من أوله ، وما تقدمه وما تعقبه استحاضة ، فترد إلى العادة في القدر والزمان معا ، فعلى الوجه الأول تكون منتقلة في بعض أيامها ، وعلى الثاني لا تكون منتقلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية