الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا بأن الثواب لا يجب ، فإن المكافأة لا تستحق ، فأثاب الموهوب له وكافأ ، فهي هبة مبتدأة لا يتعلق حكم واحدة من الهبتين بالأخرى ، فلو استحقت إحداهما ، أو ظهر بها عيب فالأخرى على حالها لا يجوز أن تسترجع ، فإن شرط على هذا القول في نفسه ثوابا ومكافأة ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون الثواب الذي شرط مجهولا ، فالهبة باطلة لاشتراط ما ينافيها .

والضرب الثاني : أن يكون معلوما ، ففيها قولان :

أحدهما : باطلة ، لما ذكرنا من التعليل .

والقول الثاني : جائزة : لأنها معاوضة على بدل معلوم كالبيع ، فإن كان شبهة فإذا قلنا ببطلان الهبة عند اشتراط الثواب معلوما كان أو مجهولا فالموهوب له ضامن لها بالقبض : لأنها مقبوضة على وجه المعاوضة ، وعليه ردها لفساد العقد ، فلو تلفت في يده كان ضامنا لها كالمقبوض من بيع فاسد بأكثر ما كان قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف على أصح المذهبين في ضمان البيع الفاسد ، ولو نقصت مع بقاء عينها ضمن قدر نقصها ، فإذا قلنا بصحة الهبة عند اشتراط الثواب المعلوم فهي كالبيع المحض تستحق فيه خيار المجلس بالعقد وخيار الثلاث بالشرط ، ويجوز اشتراط الرهن والضمين فيه ، وإن استحقت الهبة وجب رد الثواب ، وإن استحق الثواب وجب رد الهبة وإن كان الثواب معينا ، أو غرم مثله مع بقاء الهبة إن كان الثواب موصوفا ، وإن ظهر في الهبة عيب كان الموهوب له بالخيار بين المقام والفسخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية