الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا بأن الثواب لا يجب ، فإن المكافأة لا تستحق ، فأثاب الموهوب له وكافأ ، فهي هبة مبتدأة لا يتعلق حكم واحدة من الهبتين بالأخرى ، فلو استحقت إحداهما ، أو ظهر بها عيب فالأخرى على حالها لا يجوز أن تسترجع ، فإن شرط على هذا القول في نفسه ثوابا ومكافأة ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الثواب الذي شرط مجهولا ، فالهبة باطلة لاشتراط ما ينافيها .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون معلوما ، ففيها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : باطلة ، لما ذكرنا من التعليل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : جائزة : لأنها معاوضة على بدل معلوم كالبيع ، فإن كان شبهة فإذا قلنا ببطلان الهبة عند اشتراط الثواب معلوما كان أو مجهولا فالموهوب له ضامن لها بالقبض : لأنها مقبوضة على وجه المعاوضة ، وعليه ردها لفساد العقد ، فلو تلفت في يده كان ضامنا لها كالمقبوض من بيع فاسد بأكثر ما كان قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف على أصح المذهبين في ضمان البيع الفاسد ، ولو نقصت مع بقاء عينها ضمن قدر نقصها ، فإذا قلنا بصحة الهبة عند اشتراط الثواب المعلوم فهي كالبيع المحض تستحق فيه خيار المجلس بالعقد وخيار الثلاث بالشرط ، ويجوز اشتراط الرهن والضمين فيه ، وإن استحقت الهبة وجب رد الثواب ، وإن استحق الثواب وجب رد الهبة وإن كان الثواب معينا ، أو غرم مثله مع بقاء الهبة إن كان الثواب موصوفا ، وإن ظهر في الهبة عيب كان الموهوب له بالخيار بين المقام والفسخ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية