الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن أجاز الورثة الوصايا كلها مع ضيق الثلث عنها ، ودخول العجز بالنصف عليها ، ففي إجازتهم قولان :

أحدهما : أن إجازتهم ابتداء عطية منهم لأمرين :

أحدهما : أن ما زاد على الثلث منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه .

والثاني : أنهم لما كانوا بالمنع مالكين لما منعوه ، وجب أن يكونوا بالإجازة معطين لما أجازوه .

فعلى هذا قد ملك أهل الوصايا نصفها بالوصية لاحتمال الثلث لها ولا يفتقر تمليكهم لها إلى قبض ونصفها بالعطية ، لعجز الثلث عنها ولا يتم ملكهم إلا بقبض .

القول الثاني وهو أصح وبه قال أبو حنيفة : أن إجازة الورثة تنفيذ وإمضاء لفعل الميت ، وأن ذلك مملوك بالوصية دون العطية لأمرين :

أحدهما : أن ما استحقوه بالخيار في عقود الميت لا يكون الورثة بالإمضاء لها عاقدين كالمشتري سلعة إذا وجد وارثه بها عيبا فأمضى الشراء ولم يفسخه ، كان تنفيذا ولم يكن عقدا ، فكذلك خياره في إجازة الوصية .

[ ص: 211 ] والثاني : أن لهم رد ما زاد على الثلث في حقوق أنفسهم ، فإذا أجازوه سقطت حقوقهم منه ، فصار الثلث وما زادوا عليه سواء في لزومه لهم .

فإذا استوى الحكم في الجميع مع اللزوم اقتضى أن يكون جميعه وصية لا عطية .

فعلى هذا يلزمهم نصف الوصايا بالوصية من غير إجازة لاحتمال الثلث لها ، ونصفها بالإجازة بعد الوصية من غير قبض يعتبر ولا رجوع يسوغ .

التالي السابق


الخدمات العلمية