الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن أجاز الورثة الوصايا كلها مع ضيق الثلث عنها ، ودخول العجز بالنصف عليها ، ففي إجازتهم قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن إجازتهم ابتداء عطية منهم لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ما زاد على الثلث منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه .

                                                                                                                                            والثاني : أنهم لما كانوا بالمنع مالكين لما منعوه ، وجب أن يكونوا بالإجازة معطين لما أجازوه .

                                                                                                                                            فعلى هذا قد ملك أهل الوصايا نصفها بالوصية لاحتمال الثلث لها ولا يفتقر تمليكهم لها إلى قبض ونصفها بالعطية ، لعجز الثلث عنها ولا يتم ملكهم إلا بقبض .

                                                                                                                                            القول الثاني وهو أصح وبه قال أبو حنيفة : أن إجازة الورثة تنفيذ وإمضاء لفعل الميت ، وأن ذلك مملوك بالوصية دون العطية لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ما استحقوه بالخيار في عقود الميت لا يكون الورثة بالإمضاء لها عاقدين كالمشتري سلعة إذا وجد وارثه بها عيبا فأمضى الشراء ولم يفسخه ، كان تنفيذا ولم يكن عقدا ، فكذلك خياره في إجازة الوصية .

                                                                                                                                            [ ص: 211 ] والثاني : أن لهم رد ما زاد على الثلث في حقوق أنفسهم ، فإذا أجازوه سقطت حقوقهم منه ، فصار الثلث وما زادوا عليه سواء في لزومه لهم .

                                                                                                                                            فإذا استوى الحكم في الجميع مع اللزوم اقتضى أن يكون جميعه وصية لا عطية .

                                                                                                                                            فعلى هذا يلزمهم نصف الوصايا بالوصية من غير إجازة لاحتمال الثلث لها ، ونصفها بالإجازة بعد الوصية من غير قبض يعتبر ولا رجوع يسوغ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية