الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 328 ] باب الأوصياء

مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا تجوز الوصية إلا إلى بالغ مسلم حر عدل أو امرأة كذلك " .

قال الماوردي : الأصل في قبول الوصايا والتعاون عليها قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى [ المائدة : 2 ] . وقوله تعالى : وافعلوا الخير [ الحج : 77 ] . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمتي كالبنيان يشد بعضه بعضا وقد أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي - رضوان الله عليه - ، وأوصى أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما " .

إذا كان ذلك مندوبا إليه ومأمورا به ، فيختار لمن علم في نفسه القدرة والأمانة أن يقبلها ، ولمن علم في نفسه العجز والخيانة أن يردها .

ثم الكلام فيها يشتمل على ثلاثة فصول :

أحدهما : في الوصي .

والثاني : في الموصي .

والثالث : في الموصى به .

فأما الوصي فيعتبر فيه استكمال خمسة شروط ولا تصح الوصية إليه إلا بها ، وسواء كانت الوصية بالولاية على أطفال أو بتفريق مال ، وهي : البلوغ والعقل والحرية والإسلام والعدالة .

وهي الشروط المعتبرة في جواز الشهادة .

فأما الشرط الأول وهو البلوغ فلأن القلم عن غير البالغ مرفوع ، ولأن تصرفه في حق نفسه مردود ، فأولى أن يكون في حق غيره مردودا .

فلو جعل الصبي وصيا بعد بلوغه ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون لها في الحال قابل لها .

[ ص: 329 ] والثاني : أن لا يكون .

فإن لم يكن في الحال من يقبلها ، بل قال : قد أوصيت إلى هذا الصبي إذا بلغ ، فالوصية إليه باطلة في الحال وبعد بلوغه ؛ لأنه ليس في الحال بأهل لو مات الصبي قام بها ؛ فلذلك بطلت .

فإن كان لها في الحال من يقبلها ، مثل أن يقول : قد أوصيت إلى فلان حتى يبلغ ولدي ، فإذا بلغ فهو وصي ، جاز ولا يجوز مثل ذلك في الوكالة .

والفرق بينهما : أن عقد الوكالة معجل ، فلم يصح بحدوث شرط مؤجل وعقد الوصية مؤجل ، فجاز أن يصح بحدوث شرط مؤجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية