الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الشرط الرابع وهو الإسلام لقوله تعالى : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة [ التوبة : 10 ] . ولقوله تعالى : لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم [ آل عمران : 118 ] .

وهذه الآية كتب بها عمر إلى أبي موسى - رضي الله عنهما - حين اتخذ كاتبا نصرانيا .

وقال أبو حنيفة : الوصية إليه موقوفة على فسخ الحاكم ، فإن تصرف قبل أن يفسخها الحاكم عليه كان تصرفه نافذا .

وهذا فاسد ؛ لأنه لا يخلو أن تكون الوصية إليه جائزة ، فلا يجوز للحاكم أن يفسخها عليه ، أو تكون باطلة ، فلا يجوز فيها تصرفه .

وإذا كان هكذا وجب أن يكون تصرفه فيما يتعلق بعقد أو اجتهاد مردودا ، فأما ما تعين من دين قضاه ، أو وصية بمعين لمعين دفعها ، فلا يضمنها ، لوصول ذلك إلى مستحقه ، ولأنه لو أخذه مستحقه من غير نائب أو وسيط صار إلى حقه وليس كالذي يعقده من بيع ، أو يجتهد فيه من تفريق ثلث ، بل ذلك كله مردود وهو لما دفعه من ذلك ضامن .

فأما وصية الكافر إلى المسلم فجائزة لظهور أمانته فيها .

وأما وصية الكافر إلى الكافر ففيها وجهان :

أحدهما وهو قول ابن أبي هريرة : تجوز كما يجوز أن يكون الكافر وليا لكافر .

والوجه الثاني : لا تجوز ، كما لا يجوز أن تقبل شهادة الكافر لكافر ولا مسلم ، فهكذا لا يجوز أن يكون الكافر وصيا لكافر ولا مسلم .

[ ص: 331 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية