الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تكاملت هذه الشروط الخمسة في شخص ، كان موضعا للوصية إليه ، فجاز أن يكون وصيا في مال ، أو على أطفال ، سواء كان رجلا أو امرأة .

وحكي عن عطاء : أن الوصية إلى المرأة لا تصح ؛ لأن فيها ولاية يعجز النساء عنها .

وهذا فاسد ؛ لأنها وإن كانت ولاية فالمغلب فيها الأمانة وجواز الشهادة وقد تجوز شهادة المرأة ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف .

[ ص: 332 ] فجعلها القيمة على أولادها في النفقة عليهم ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في بعض المغازي فأودع أموالا كانت عنده عند أم أيمن - رضي الله عنها - ، فدل ذلك على جواز استنابة المرأة في المال وعلى الأطفال وكان لها الحضانة عليهم ، وإن كان فيها معنى الولاية .

فإذا ثبت ألا فرق بين الرجل والمرأة ، فلا فرق بين الصحيح والمريض إذا لم يغيره المرض عن فضل النظر .

ولكن اختلف أصحابنا في جواز الوصية إلى الأعمى على وجهين :

أحدهما : تجوز ؛ لأنه من أهل الشهادة .

والوجه الثاني : لا تجوز ؛ لأنه قد يفتقر في الوصايا إلى عقود لا تصح من الأعمى وفضل نظر لا يدرك إلا بالمعاينة .

فهذا حكم الوصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية