الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا لم يكن في القسمة ضرر ولا كان من الموصي فيها نهي نظر ، فإن كانا منفردين ، قد جعل إلى كل واحد منهما مثل ما إلى الآخر ، جاز أن يقتسما المال إلا أنها قسمة حفظ وليست قسمة مناقلة ، فيقتسمان على القيم لا على الأجزاء ؛ لأن قسمة المناقلة تكون بين الورثة على الأجزاء ، وقسمة الحفظ تختص بالأوصياء وتكون على القيمة ، فيأخذ أحدهما دارا والآخر متاعا ، ثم لكل واحد منهما بعد القسمة أن ينصرف فيما بيده وفيما بيد صاحبه ؛ لأن لكل واحد منهما أن ينفرد بالنظر في الجميع .

وإن كانت الوصية إليهما مجتمعين وليس لأحدهما التفرد بالنظر ، ففي جواز اقتسام المال حفاظا له وجهان :

أحدهما وهو قول أبي إسحاق المروزي والأظهر عندي : ليس لهما ذلك كما ليس لهما التفرد بالإنفاذ .

والوجه الثاني وهو قول أبي سعيد الإصطخري وأبي علي بن أبي هريرة : لهما القسمة ؛ لأن اقتسامهما المال أعون لهما على حفظه ، وإنما الاجتماع على التنفيذ ، فإذا اقتسما لم يكن لواحد منهما أن يتصرف فيما بيده إلا مع اجتماع صاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية