الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " فإذا أخذت صدقة مسلم دعي له بالأجر والبركة كما قال تعالى وصل عليهم أي ادع لهم " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : لقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم [ التوبة : 103 ] وفي قوله وصل عليهم تأويلان :

أحدهما : الاستغفار لهم وهو قول ابن عباس .

والثاني : أنه الدعاء لهم وهو قول الأكثرين .

وفي قوله تعالى : إن صلاتك سكن لهم ثلاثة تأويلات :

أحدها : قربة لهم ، رواه الضحاك عن ابن عباس .

والثاني : رحمة لهم ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

والثالث : أمن لهم .

ثم الدعاء ندب على الآخذ لها إن لم يسأل الدعاء ، وأوجبه داود . وإن سئل الدعاء ففي وجوبه عليه وجهان :

أحدهما : أنه واجب لرواية عبد الله بن أبي أوفى عن أبيه قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقات قومي ، فقلت يا رسول الله ، صل علي فقال : اللهم صل على آل أبي أوفى وليقع بذلك الفرق بين الجزية المأخوذة صغارا وبين الزكاة المأخوذة تطهيرا .

والوجه الثاني : أنه مستحب غير واجب : لأن أجره على الله تعالى لا على الآخذ لها كغيرها من العبادات التي لا يلزم الدعاء لفاعلها .

وقيل : إنه إن كان الإمام هو الآخذ لها ، لزمه الدعاء لما في دفعها إليه من إظهار طاعته ، وإن كان الفقير هو الآخذ لها لم يلزمه ، وقيل بضده : إن الدعاء يلزم الفقير دون الإمام : لأن دفعها إلى الإمام متعين وإلى الفقير غير متعين ، فأما ما يدعو به الآخذ فقد مضى في كتاب الزكاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية