الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا أراد القصاص من الموضحة فيقدر اعتبارها من رأس المشجوج فاعتبر فيها ثلاثة أشياء :

أحدها : موضعها من رأسه هل هي في مقدمه ، أو مؤخره ، أو عن يمينه ، أو عن يساره وفي يافوخه أو في هامته ، أو قرعته ، لاستحقاق المماثلة في محلها ، فلا يؤخذ مقدم بمؤخر ولا مؤخر بمقدم ولا يمنى بيسرى ، كما لا يؤخذ يمنى اليدين يسراها .

والثاني : أن يقدر ما بين طرفيها طولا لئلا يزاد عليها أو ينقص منها ، لأن الزيادة عليها عدوان والنقص منها بخس .

والثالث : أن يقدر ما بين جانبيها عرضا لأنه قد يوضح بالشيء الغليظ فتعوض الموضحة ويوضع بالشيء الدقيق فيقل عرضها فيعتبر من موضحه المشجوج لهذه الأمور الثلاثة ، ولا يعتبر عمقها ، لأن المقصود في الصحة الوصول إلى العظم فسقط اعتبار العمق ، لأنه قد تغلظ جلدة الرأس من بعض الناس وترق من آخر ، فصار عتق الرأس في سقوط اعتباره جاريا مجرى مساحة الأطراف التي لا تعتبر في القصاص ، ثم يعدل بعد ذلك إلى الشجاج فيحلق شعر رأسه ، سواء كان المشجوج أشعر أو محلوقا ، لأن المماثلة في استيفاء القصاص لا تتحقق إلا بمعرفة موضعها عن رأس المقتص منه ، فيعلم في رأس الشاج ما قدمنا اعتباره من رأس المشجوج ، وهو موضعها ، وطولها ، [ ص: 152 ] وعرضها ، ويخط عليه بسواد أو حمرة ، ويبضع القصاص بالموسى ، ولم يضرب بالسيف وإن كان الجاني شج بالسيف : لأن ضرب السيف ربما هشم ولا يستوفيه المشجوج بنفسه ويستنيب فيه من يؤمن تعديه ، فإن لم يستنب ندب الإمام مأموما ينوب عنه في استيفائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية