الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا أوضح ما ذكرناه من توجه القولين ، فصلاة الوتر على قوله الجديد أوكد من ركعتي الفجر ، فأما قول الشافعي : " ويشبه أن تكون صلاة التهجد " فلأصحابنا فيه تأويلان :

أحدهما : أن صلاة التهجد هي الوتر نفسها ، وقد صرح به الشافعي في " الأم " وقال المزني في " جامعه الكبير " : وأوكد ذلك الوتر ، ويشبه أن تكون هي صلاة التهجد .

والتأويل الثاني : أن صلاة التهجد غير الوتر ، وهي صلاة يصليها الإنسان في الليل وردا له .

وأصل التهجد في اللسان من الأضداد يقال : تهجدت إذا نمت قال لبيد :


قد هجدنا فقد طال السرى وقدرنا إن خنا الدهر غفل

ويقال : تهجدت إذا سهرت ، قال الله تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك [ الإسراء : 79 ] . فالتهجد على هذا أن يصلي وقت يكون الناس فيه نياما ، فعلى هذا التأويل هل تكون صلاة التهجد على قوله الجديد أوكد من ركعتي الفجر أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : أن صلاة التهجد أوكد ، لأن قيام الليل قد كان نائبا عن الفرائض ، فوجب أن يكون أوكد من ركعتي الفجر التي لم تنب عن فرض قط ، وقول الشافعي " ويشبه أن تكون صلاة التهجد " معناه : ويشبه أن يكون الذي يتبع الوتر في التأكيد صلاة التهجد .

والوجه الثاني : وعليه أصحابنا : أن ركعتي الفجر أوكد من صلاة التهجد لما تقدم .

والدليل في تأكيدها على الوتر ، فأما ما عدا الوتر ، وركعتي الفجر من النوافل الموظفات من الصلوات المفروضات ، فقد حكى البويطي ، عن الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وركعتين قبل العصر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين قبل العشاء ، وركعتين بعدها .

التالي السابق


الخدمات العلمية