الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقررت هذه الجملة وأراد أن يوجب الأضحية بعد ملكها بشراء ، فإن أوجبها بالقول ، فقال : هذه أضحية وجبت ، وإن أوجبها بالنية فنوى أنها أضحية ففيه وجهان :

أحدهما : وهو مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه لا تصير بالنية أضحية حتى يقترن بها القول : لأنها إزالة ملك فأشبه العتق والوقف .

[ ص: 101 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج أنها قد صارت بمجرد النية أضحية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات مع قول الله تعالى : لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم [ الحج : 37 ] يعني إخلاص القلوب بالنيات ، فعلى قول أبي العباس بن سريج قد وجبت ويؤخذ بذبحها ، وعلى الوجه الأول لم تجب وله بيعها ، فإن تركها على نيته حتى ضحى بها فهل تصير بالذبح بعد النية أضحية أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا تصير أضحية بالذبح مع تقدم النية .

والثاني : تصير لأن الذبح فعل ظاهر ، فإذا اقترن بالنية صار آكد من القول بغير نية ، فصار فيما تصير به أضحية ثلاثة أوجه :

أحدها : بالقول وحده .

والثاني : بالنية وحدها .

والثالث : بالنية والذبح .

فأما الهدايا ففيما يوجبها الشافعي قولان ، ولأصحابه وجهان آخران أحد قولي الشافعي ، وهو الجديد أنها لا تجب إلا بالقول ، فيقول : قد جعلت هذه البدنة هديا .

والقول الثاني : وهو القديم أنها تصير بالتقليد والإشعار هديا ، وإن لم يقل : لأنه علم ظاهر كالقول .

والثالث : وهو أحد وجهي أصحابنا أنها تصير هديا بالنية ، وإن لم يقلدها ، ويشعرها كالأضحية .

والرابع : وهو الوجه الثاني لأصحابنا : أنها تصير هديا بالذبح مع النية ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية