الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
القول في بيع الجلد

فصل : فأما الجلد فهو في حكم الأضحية في تحريم بيعه على المضحي ، وفي جواز تفرده به وجهان :

أحدهما : يجوز ، لأنه بعض الأضحية .

والثاني : لا يجوز حتى يشارك فيه الفقراء ، لأنه غير اللحم فلزم الإشراك فيه كاللحم ، فإن باعه كان بيعه باطلا ، وقال عطاء : يجوز له بيع الجلد ، وتملك ثمنه ، لأن مقصود الأضحية إراقة الدم وإطعام اللحم .

وقال الأوزاعي : يجوز له بيع الجلد بآلة البيت التي تعار كالقدر والميزان والسكين ، ولا يجوز بيعه للآلة وتلزمه الإعارة .

وقال أبو حنيفة : يجوز له بيعه بالآلة دون غيرها ، ولا يلزمه إعارتها اعتبارا بالعرف .

ودليلنا : ما رواه مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عليه السلام أنه قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة ، فأقسم جلودها وجلالها ، وأمرني أن لا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا فقسم الجلود كما قسم اللحم ، فدل على اشتراكهما في الحكم .

وروى عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أنه قال : من باع جلد أضحيته فلا أضحية له ، وهذا إن انتشر إجماع ، وإن لم ينتشر حجة ، إذ ليس له مخالف ، ولأنه بعض الأضحية فلم يجز بيعه كاللحم ، ولأن ما لم يجز بيع لحمه لم يجز بيع جلده كدم التمتع والقران .

التالي السابق


الخدمات العلمية