الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر بما ذكرنا أن العقيقة سنة فالكلام فيها يشتمل على ستة فصول أحدها في مقدار العقيقة ، وقد اختلف فيه على ثلاثة مذاهب ، فعند الشافعي يعق عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة ، وعند مالك يعق عن الغلام شاة كالجارية من غير تفضيل ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ، وقال آخرون : يعق [ ص: 128 ] عن الغلام ، ولا يعق عن الجارية ، لأن العقيقة السرور ، والسرور يختص بالغلام دون الجارية .

والدليل عليهما رواية أم كرز قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي ، فسمعته يقول : عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ، لا يضركم ذكرانا كانوا أو إناثا والمكافئتان : المثلان .

وروى الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن اليهود يعقون عن الغلام ، ولا يعقون عن الجارية ، فعقوا عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة وفي هذين الحديثين دليل على الفريقين ، ثم على مالك أنه لما فضل الغلام على الجارية في ميراثه وأحكامه ، فضل عليها في عقيقته ، ودليل على من لم يعق عن الجارية أن العقيقة للتبرك والتيمن ، فاقتضى أن يقصد التيمن والتبرك بها بالذبح عنهما ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس ومعنى أطاع أي : استجاب دعاءهم معناه أن الناس يحبون أن يولد لهم الذكران دون الإناث ، ولو لم يكن الإناث ذهب النسل ، فلم يكن ناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية