الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 251 ] مسألة : قال الشافعي : " ولا بأس أن يصلي متنكب القوس والقرن إلا أن يتحركا عليه حركة تشغله فأكرهه وتجزئه " .

قال الماوردي : الصلاة في السلاح جائزة ، لقول الله تعالى : وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم ، [ النساء : 152 ] . وروى سلمة بن الأكوع قال : قلت يا رسول الله : أصلي ، وعلي القوس والقرن ، فقال : اطرح القرن وصل بالقوس .

وروي عن ابن عمر أنه قال : القوس على المصلي كالرداء .

فأباح النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة بالقوس ، ونهى عن القرن ، وهو الجعبة التي تجمع السهام ، فإن كانت بغطاء ، فهي جعبة ، وإن كانت مكشوفة فهي قرن ، وفي نهيه عن الصلاة فيهما تأويلان :

أحدهما : أنه نهي تحريم إذا كان ريش السهام نجسا ؛ لأنه في الأغلب يتخذ من ريش النسر ، وهو غير مأكول ، ولو كان الريش طاهرا لم يتوجه إليه نهي .

والثاني : أنه نهي كراهة إذا كان طاهرا ؛ لأنه يتخشخشه في ركوعه وسجوده باصطكاك السهام ، فيقطعه عن الخشوع في الصلاة ، فإن لم يتخشخش لم يتوجه إليه نهي ، فصار لحمله في صلاته ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن يكون محرما وهو إذا كان نجسا .

والثاني : أن يكون مكروها ، وهو إذا كان طاهرا يقطع عن الخشوع فيها .

والثالث : أن يكون مباحا ، وهو ما خلا من هذين ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية