[ القول  
فيما ينعقد عنه الإجماع     ] :  
فأما الفصل الأول فيما ينعقد عنه الإجماع : فهو ينعقد عن دليل أوجب اتفاقهم عليه لأن ما لا موجب له يتعذر الاتفاق عليه .  
والدليل الداعي إليه قد يكون من سبعة أوجه :  
أحدها : أن ينعقد عن تنبيه من كتاب الله كإجماعهم على أن ابن الابن في الميراث كالابن .  
والثاني : أن ينعقد عن استنباط من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كإجماعهم على توريث كل واحدة من الجدتين السدس .  
والثالث : أن ينعقد عن الاستفاضة والانتشار ، كالإجماع على أعداد الركعات وترتيبها في الركوع والسجود . 
والرابع : أن ينعقد على العمل به كالإجماع على نصب الزكوات .  
والخامس : أن ينعقد عن المناظرة والجدال ، كإجماعهم على قتل مانعي الزكاة .  
والسادس : أن ينعقد عن توقيف ، كإجماعهم على أن الجمعة تسقط فرض الظهر .  
والسابع : أن ينعقد عن استدلال وقياس ، كإجماعهم على أن الجواميس في الزكاة كالبقر .  
فإن  
تجرد الإجماع عن دليل يدعو إليه  إذا وجد الاتفاق عليه ، فقد اختلف في صحته وجواز انعقاده .  
فذهب شاذ من أهل العلم إلى جوازه ، استدلالا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=925521ما رآه      [ ص: 109 ] المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن     " وهذا قول من جعل الإلهام دليلا .  
والذي عليه جمهور العلماء أنه  
لا يصح انعقاد الإجماع إلا بدليل  لأمرين .  
أحدهما : أن إثبات الشرع دليل لا يجوز .  
والثاني : أن اتفاق الكافة بغير سبب لا يوجد .  
وإذا انعقد الإجماع عن أحد أدلته فقد اختلف أصحابنا في القطع على الله تعالى بصحته على وجهين :  
أحدهما : أن الإجماع معصوم يقطع بصحته ليصح قيام الحجة به .  
والوجه الثاني : أن الإجماع غير معصوم من السهو والغلط اعتبارا بأهله في نفي العصمة عن آحادهم فكذلك عن جماعتهم ، ولا يكون قيام الحجة به موجبا لعصمته كما تقوم الحجة بخبر الواحد وإن كان غير معصوم .