فصل :  
وإذا وجد وادعاه من يجوز أن يولد مثله لمثله  ، لحقه به ، فإن ادعاه بعده آخر ففيه وجهان :  
أحدهما : أن دعواه مردودة للحوق نسبه بالسابق ، إلا أن يقيم بينة أنه ولد على فراشه .  
والوجه الثاني : وهو الظاهر في مذهب  
الشافعي   أن دعوى الناس مسموعة ويرى القافة ، فإن نفوه عن الثاني ، كان على لحوقه بالأول وإن ألحقوه بالثاني أري مع الأول ، فإن نفوه عنه لحق بالثالث ، وإن ألحقوه به لم يأت بالقافة بيان ، لأنهم قد ألحقوه بهما ، ووقف الولد إلى حد الانتساب لينتسب إلى أحدهما ، فإن  
اجتمع جماعة في ادعاء اللقيط ، وهو في يد أحدهم  ، فصاحب اليد كالسابق بالدعوى ، فيكون على الوجهين :   
[ ص: 395 ] أحدهما : يلحق به إلا أن تلحقه القافة بغيره .  
والوجه الثاني : أن في الدعوى بغيره لا يلحق بواحد منهم إلا أن تلحقه القافة ، أو يعترف له الباقي بنسبه ، أو يبلغ حد الانتساب فينتسب إليه ، فإن  
مات الولد مع بقاء الانتساب  ، فقبل الانتساب وقف من ماله ميراثا حتى يصطلح المدعون عليه ، وإن  
مات المدعون أو بعضهم  ففيه وجهان :  
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب  
الشافعي   ، أنه يوقف من قال كل واحد منهم ميراث أب ، كما يوقف من ماله إذا مات ميراث أب حتى ينتسب بعد بلوغه حد الانتساب ، فيستحق ميراث من انتسب إليه ويرد ما وقف من الباقين على ورثتهم .  
والوجه الثاني : لا يوقف له من أموالهم شيء ، ويدفع مال كل واحد إلى ورثته ، والله أعلم .  
مسألة : قال  
الشافعي   رضي الله عنه : " ولو  
ادعى حر وعبد مسلمان وذمي مولودا وجد لقيطا  فلا فرق بين واحد منهم ، كالتداعي فيما سواه ، فيراه القافة فإن ألحقوه بواحد ، فهو ابنه ، وإن ألحقوه بأكثر لم يكن ابن واحد منهم ، يبلغ فينتسب إلى أيهم شاء فيكون ابنه وتنقطع عنه دعوى غيره " .  
قال  
الماوردي      : وهذا صحيح يستوي إذا ادعى الولد ، الحر والعبد والمسلم ، والكافر لقيطا أو من فراش مشترك ، وليس بمشترك .  
وقال  
أبو حنيفة   الإمام رحمه الله : إذا  
تنازع حر وعبد ألحقته  بالحر دون العبد .  
وإن تنازع مسلم وكافر ، ألحقته بالمسلم دون الكافر ، ولو تنازع حر كافر وعبد مسلم ، ألحقته بالحر الكافر ، دون العبد المسلم ، ليكون الولد ملحقا بأكملهما حكما .  
استدلالا بأن الغالب من دار الإسلام الحرية والإسلام ، فصارت كاليد لمن واقعها ، فترجح بها .  
ولأنهما لو تنازعا حضانته كان الحر المسلم أحق بها من العبد الكافر ، كذلك حكم النسب ودليلنا هو أنهما قد اشتركا في سبب الدعوى ، فوجب أن يشتركا في حكمهما ، كالمسلمين الحرين .  
ولأنه لو انفرد بالدعوى عبد أو كافر كان فيها كالمسلم ، ولا يدفع عنها بحكم الدار ، كذلك إذا اجتمع مع الحر ، أو المسلم ، كالمال ، وفيه انفصال .  
فأما الحضانة ففيها ولاية ، لو تفرد بها كافر وعبد لم يستحقها وليس كالنسب الذى يلحق بالعبد ، والكافر .   
[ ص: 396 ]