صفحة جزء
فرع .

في أكمل التشهد ، وأقله .

أما أكمله ، فما رواه ابن عباس رضي الله عنهما ( التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . هكذا رواه الشافعي ، ورواه غيره ( السلام عليك أيها النبي ) ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) بالألف واللام .

ولو تشهد بما رواه ابن مسعود ، أو بتشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، جاز . لكن الأول أفضل .

[ ص: 264 ] وتشهد ابن مسعود ( التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك . . . ) وذكره كما تقدم . إلا أن في آخره ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) .

وتشهد عمر ( التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، الصلوات لله ، السلام عليك . . . ) وذكره كابن مسعود ، ولنا وجه : أن الأفضل : أن يقول : ( التحيات المباركات الزاكيات ، والصلوات والطيبات لله ، السلام عليك . . . . ) ذكره ليكون جامعا لها كلها ، وقال جماعة من أصحابنا : يستحب أن يقول قبل التحيات : ( باسم الله ، وبالله ، التحيات لله ) ، ويروى ( بسم الله خير الأسماء ) والصحيح الذي عليه جماهيرهم : أنه لا يقدم التسمية .

وأما أقله ، فنص الشافعي - رحمه الله - وأكثر الأصحاب ، أنه : ( التحيات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسوله ) .

هكذا نقله العراقيون والروياني ، وكذا نقله البغوي . إلا أنه قال : ( وأشهد أن محمدا رسوله ) ، ونقله ابن كج والصيدلاني ، وأسقطا كلمة : ( وبركاته ) وقالا : ( وأشهد أن محمدا رسول الله ) .

وقال ابن سريج رحمه الله : أقله : ( التحيات لله ، سلام عليك أيها النبي ، سلام على عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسوله ) ، وأسقط بعضهم : " السلام " الثاني .

وقال بعضهم : ( سلام عليك أيها النبي ، وعلى عباد الله الصالحين ) ، وأسقط بعضهم : ( الصالحين ) ، واختاره الحليمي .

قلت : وروي : ( سلام عليك ) و ( سلام علينا ) وروي : ( السلام ) بالألف واللام فيهما ، وهذا أكثر في روايات الحديث ، وفي كلام الشافعي : واتفق أصحابنا على جواز الأمرين هنا بخلاف سلام التحلل .

قالوا : والأفضل هنا الألف واللام لكثرته وزيادته ، وموافقته سلام التحلل . والله أعلم .

[ ص: 265 ] فرع :

أقل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يقول : ( اللهم صل على محمد ) أو ( صلى الله على محمد ) أو ( صلى الله على رسوله ) ، وفي وجه : يكفي ( صلى الله عليه ) ، وأقل الصلاة على الآل أن يقول ( وآله ) وأكملها أن يقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .

ويستحب الدعاء بعد ذلك ، وله أن يدعو بما شاء من أمر الدنيا والآخرة ، وأمور الآخرة أفضل ، وعن الشيخ أبي محمد : أنه كان يتردد في مثل : اللهم ارزقني جارية صفتها كذا ، ويميل إلى المنع ، وأنه يبطل الصلاة .

والصواب الذي عليه الجماهير جواز الجميع . لكن ما ورد في الأخبار أحب من غيره .

ومنه : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت - وفيه أيضا ( وما أعلنت ) مقدم على ( ما أسررت ) - وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ) .

وأيضا : ( اللهم ( إني ) أعوذ بك من عذاب النار ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال ) .

وأيضا : ( اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ) .

وأيضا : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، لا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) .

ثم الصحيح الذي عليه الجمهور أن الدعاء مستحب للإمام وغيره . لكن الأفضل أن يكون الدعاء أقل من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه تبع لهما . فإن زاد لم يضر . إلا أن يكون إماما فيكره التطويل .

والوجه الثاني : المستحب للإمام ، أن لا يدعو ، ويستحب للمنفرد الدعاء ، [ ص: 266 ] ولا بأس بتطويله ، هذا كله في التشهد الأخير . أما الأول : فيكره فيه الدعاء ، بل لا يزيد على لفظ التشهد إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا قلنا : هي سنة فيه ، وعلى الآل على وجه .

قلت : إطالة التشهد الأول مكروهة كما ذكر . فلو طوله لم تبطل صلاته ولم يسجد للسهو ، سواء طوله عمدا أم سهوا . والله أعلم .

فرع :

لا يجوز لمن عرف التشهد بالعربية ، أن يعدل إلى ترجمته ، فإن عجز ، أتى بترجمته ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى الآل ، إذا أوجبناها كالتشهد .

وأما ما عدا الواجبات من الألفاظ المشروعة في الصلاة ، إذا عجز عنها بالعربية فقسمان : دعاء وغيره ؛ فأما الدعاء المأثور ، ففيه ثلاثة أوجه : أصحها : تجوز الترجمة عنه لمن لا يحسن العربية ، ولا يجوز لمن يحسنها ، فإن ترجم بطلت صلاته ، والثاني : يجوز لمن أحسنها ولغيره .

والثالث : لا يجوز لواحد منهما ، ولا يجوز أن يخترع دعوة بالعجمية يدعو بها قطعا .

وأما سائر الأذكار كالتشهد الأول والقنوت وتكبيرات الانتقالات والتسبيحات فأوجه :

أحدها : يجوز أن يأتي بترجمتها العاجز ، والثاني : لا يجوز ، والثالث : يترجم لما يجبر بالسجود دون غيره .

قلت : الأصح : الجواز للعاجز ، ومنعه في القادر . ثم إذا قام من التشهد الأول قام مكبرا ، وهل يمده ؟ فيه القولان السابقان في فصل الركوع .

ثم قال جمهور أصحابنا : لا يرفع يديه في هذا القيام ، ولنا وجه : أنه يستحب رفع اليدين فيه ، كما يستحب في الركوع ، والرفع منه ، وحكاه صاحب ( المهذب ) [ ص: 267 ] وغيره عن أبي بكر بن المنذر ، وأبي علي الطبري ، وهذا الوجه هو الصحيح أو الصواب ، فقد ثبت ذلك في " صحيح البخاري " وغيره ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونص عليه الشافعي رحمه الله ، وقد أطنبت في إيضاحه في شرح ( المهذب ) .

واعلم أن في الصلاة الرباعية اثنتين وعشرين تكبيرة ، وفي الثلاثية سبع عشرة ، وفي الثنائية إحدى عشرة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية