[ ص: 180 ] كتاب الصلاة . 
فيه سبعة أبواب . 
الباب الأول في المواقيت . 
أما وقت الظهر  ، فيدخل بالزوال . وهو زيادة في الظل بعد استواء الشمس أو حدوثه ، إن لم يكن عند الاستواء ظل . وذلك يتصور في بعض البلاد ، كمكة ، وصنعاء اليمن ، في أطول أيام السنة . ويخرج وقتها إذا صار ظل الشخص مثله سوى الظل الذي كان عند الزوال إن كان ظل وما بين الطرفين وقت اختيار . 
وأما العصر فيدخل وقتها بخروج وقت الظهر  بلا خلاف ، ويمتد إلى غروب الشمس ، وفي وجه ضعيف قاله  الإصطخري     : يخرج وقتها إذا صار ظل الشيء مثليه . 
وعلى الصحيح : لها أربعة أوقات ، وقت فضيلة ، وهو الأول ، ووقت اختيار ، إلى أن يصير ظله مثليه . وبعده جواز بلا كراهة ، إلى اصفرار الشمس . ومن الاصفرار ، إلى الغروب : وقت كراهة ، يكره تأخيرها إليه . 
وأما المغرب فيدخل وقتها بغروب الشمس  بلا خلاف . والاعتبار بسقوط قرصها ، وهو ظاهر في الصحاري . وأما في العمران ، وقلل الجبال ، فالاعتبار ، بأن لا يرى شيء من شعاعها على الجدران ، ويقبل الظلام من المشرق . وفي آخر   [ ص: 181 ] وقتها  قولان . 
القديم : أنه يمتد إلى مغيب الشفق . والجديد : أنه إذا مضى قدر وضوء وستر عورة وأذان وإقامة وخمس ركعات انقضى الوقت . وما لا بد منه من شرائط الصلاة ، لا يجب تقديمه على الوقت ، فيجوز التأخير بعد الغروب بقدر اشتغاله بها . والاعتبار في جميع ذلك ، بالوسط المعتدل . ويحتمل أيضا أكل لقم يكسر بها حدة الجوع . 
وفي وجه : ما يمكن تقديمه على الوقت كالطهارة والسترة ، يسقط من الاعتبار . وفي وجه : يعتبر ثلاث ركعات لا خمس . وهما شاذان ، والصواب الأول . 
ثم على الجديد : لو شرع في المغرب في الوقت المضبوط ، فهل له استدامتها إلى انقضاء الوقت ؟ إن قلنا : الصلاة التي يقع بعضها في الوقت ، وبعضها بعده أداء وأنه يجوز تأخيرها إلى أن يخرج عن الوقت بعضها ، فله ذلك قطعا . وإن لم نجوز ذلك في سائر الصلوات ، ففي المغرب وجهان : 
أصحهما : يجوز مدها إلى مغيب الشفق . والثاني : منعه كغيرها . ثم الأظهر من القولين الجديد . 
واختار طائفة من الأصحاب القديم ، ورجحوه ، وعندهم المسألة مما يفتى فيه على القديم . 
قلت : الأحاديث الصحيحة ، مصرحة بما قاله في القديم ، وتأويل بعضها متعذر ، فهو الصواب . وممن اختاره من أصحابنا   ابن خزيمة  والخطابي  والبيهقي   والغزالي  في ( الإحياء )  والبغوي  في ( التهذيب ) وغيرهم . والله أعلم . 
وأما العشاء ، فيدخل وقتها بمغيب الشفق    . وهو الحمرة . وقال  المزني     : البياض . 
وقال   إمام الحرمين     : يدخل وقتها بزوال الحمرة والصفرة . قال : والشمس إذا غربت ، تعقبها حمرة ، ثم ترق حتى تنقلب صفرة ، ثم يبقى البياض . قال : وبين غروب الشمس ، إلى زوال الصفرة ، كما بين الصبح الصادق ، وطلوع قرن الشمس . وبين زوال الصفرة ، إلى انمحاق البياض ، قريب مما بين الصبح الصادق ، والكاذب . هذا قول   إمام الحرمين     . والذي عليه المعظم ، ويدل   [ ص: 182 ] عليه نص   الشافعي  رضي الله عنه أنه الحمرة . 
ثم غروب الشفق ، ظاهر ، في معظم النواحي . أما الساكنون بناحية تقصر لياليهم ، ولا يغيب عنهم الشفق ، فيصلون العشاء إذا مضى من الزمان قدر ما يغيب فيه الشفق في أقرب البلاد إليهم . 
وأما وقت الاختيار للعشاء  ، فيمتد إلى ثلث الليل على الأظهر . وإلى نصفه على الثاني . ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني على الصحيح . 
وقال  الإصطخري     : يخرج الوقت بذهاب وقت الاختيار . 
وأما وقت الصبح فيدخل بطلوع الفجر الصادق    . ويتمادى وقت الاختيار إلى أن يسفر . والجواز إلى طلوع الشمس على الصحيح . 
وعند  الإصطخري  يخرج وقت الجواز بالإسفار    . فعلى الصحيح ، للصبح أربعة أوقات ، فضيلة أوله ، ثم اختيار إلى الإسفار ، ثم جواز بلا كراهة إلى طلوع الحمرة ، ثم كراهة وقت طلوع الحمرة إذا لم يكن عذر . 
قلت : مذهبنا ومذهب جماهير العلماء أن صلاة الصبح من صلوات النهار . ويكره أن يقال للمغرب عشاء  ، وأن يقال للعشاء عتمة    . والاختيار أن يقال للصبح الفجر أو الصبح ، وهما أولى من الغداة    . ولا تقول : الغداة مكروه . ويكره النوم قبل العشاء  ، والحديث بعدها لغير عذر ، إلا في خير . 
واختلف العلماء في الصلاة الوسطى    . فنص   الشافعي  رضي الله عنه والأصحاب : أنها الصبح . وقال صاحب ( الحاوي ) : نص   الشافعي  أنها الصبح . وصحت الأحاديث ، أنها العصر . ومذهبه ، إتباع الحديث ، فصار مذهبه : أنها العصر . قال : ولا يكون في المسألة قولان . كما وهم بعض أصحابنا . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					