صفحة جزء
الطرف الثامن : في اجتماع الأولياء . فإذا اجتمعوا في درجة ، كالأخوة والأعمام وبنيهم ، استحب أن يزوجها أفضلهم بالفقه أو الورع ، وأسنهم ، برضى الباقين ، لأن هذا أجمع للمصلحة . ولو تعارضت هذه الخصال ، قدم الأفقه ، ثم الأورع ، ثم الأسن . ولو زوج غير الأسن والأفضل برضاها بكفء ، صح ، ولا اعتراض للباقين . ولو تنازعوا ، وقال كل : أنا أزوج ، نظر ، إن تعدد الخاطب ، فالتزويج ممن ترضاه المرأة ، فإن رضيتهم جميعا ، نظر القاضي في الأصلح وأمر بتزويجه ، كذا ذكره البغوي وغيره . وإن اتحد الخاطب ، وتزاحموا على العقد ، أقرع بينهم ، فمن خرجت قرعته ، زوجها ، فإن بادر غيره فزوجها ، صح على الأصح . وقيل : لا يصح . [ ص: 88 ] فعلى هذا ، هل يختص هذا الوجه بما إذا اقترعوا من غير ارتفاع إلى مجلس القاضي ، أم يختص بقرعة ينشئها القاضي ؟ فيه تردد للإمام . هذا كله إذا أذنت لكل واحد على الانفراد ، أو قالت : أذنت في فلان ، فمن شاء من أوليائي فليزوجني به . ولو قالت : زوجوني ، اشترط اجتماعهم على الأصح . ولو قالت : رضيت أن أزوج ، أو رضيت بفلان زوجا ، فوجهان . أحدهما : ليس لأحد تزويجها ، لأنها لم تأذن لجميعهم إذنا عاما ، ولا خاطبت واحدا ، فصار كقولها : رضيت أن يباع مالي . وأصحهما : يصح ، ولكل واحد تزويجها ، لأنهم متعينون شرعا ، والشرط رضاها وقد وجد . فعلى هذا ، لو عينت بعد ذلك واحدا ، ففي انعزال الباقين وجهان . وقطع في الرقم بالانعزال ، وقطع البغوي بخلافه .

قلت : الأصح عدم الانعزال ، وغلط الشاشي من قال بالانعزال . - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية