الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا أذنت لأحد الوليين أن يزوجها بزيد ، وللآخر أن يزوجها بعمرو ، وأطلقت الإذن ، وصححناه ، فزوج واحد زيدا ، وآخر عمرا ، أو وكل الولي المجبر رجلا ، فزوجها الولي زيدا ، والوكيل عمرا ، أو وكل رجلين ، فزوج أحدهما زيدا ، والآخر عمرا ، فللمسألة خمس صور . إحداها : أن يسبق أحد النكاحين ونعلمه ، فهو الصحيح . والثاني باطل ، سواء دخل الثاني ، أم لا ، وإنما يعلم السبق بالبينة أو التصادق .

                                                                                                                                                                        الثانية : أن يقعا معا ، فباطلان . ولو اتحد الخاطب ، وأوجب كل واحد من الوليين النكاح له معا ، صح على الصحيح ، ويتقوى كل واحد من الإيجابين بالآخر ، [ ص: 89 ] وحكى العبادي عن القاضي وغيره : أنه لا يصح ، لأنه ليس أحدهما أولى بالاعتبار ، فتدافعا .

                                                                                                                                                                        الثالثة : إذا لم يعلم السبق والمعية ، وأمكنا ، فباطلان ، لأن الأصل عدم الصحة ، كذا أطلقه الجمهور ، ونقل الإمام وغيره وجها : أنه لا بد من إنشاء فسخ ، لاحتمال السبق .

                                                                                                                                                                        الرابعة : أن يسبق واحد معين ، ثم يخفى ، فيتوقف حتى يبين ، ولا يجوز لواحد منهما الاستمتاع بها ولا لثالث نكاحها ، إلا أن يطلقاها ، أو يموتا ، أو يطلق أحدهما ، أو يموت الآخر .

                                                                                                                                                                        قلت : ولا بد من انقضاء عدتها بعد موت آخرهما . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        وطرد بعضهم في هذه الصورة القولين المذكورين في الصورة الخامسة ، وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                        الخامسة : إذا علم سبق أحدهما ، ولم يعلم عينه ، فباطلان على المنصوص ، وهو المذهب ، كما لو احتمل السبق والمعية لتعذر الإمضاء . وقيل : قولان ، أحدهما هذا ، والثاني مخرج من الجمعين في مثل هذه الصورة : أنه يتوقف كما في الصورة الرابعة . فعلى المذهب ، هل يبطلان بلا فسخ ؟ أم لا بد من إنشاء فسخ ؟ فيه الخلاف السابق في الصورة الثالثة ، فإن شرطنا الإنشاء ، ففيمن يفسخ أوجه . أصحها : الحاكم أو المحكم إن جوزنا التحكيم . والثاني : للمرأة الفسخ بغير مراجعة الحاكم . والثالث : للزوجين الفسخ أيضا . وحيث أبطلنا النكاحين ، فلا مهر ، إلا أن يوجد دخول ، فيجب مهر المثل . وإذا أبطلنا عند احتمال السبق والمعية ، وفيما إذا سبق أحدهما ولم يعلم ، فهل يبطل ظاهرا وباطنا ، أم ظاهرا فقط ؟ وجهان . فعلى الأول ، لو ظهر وتعين السابق بعد ، فلا زوجية . ولو نكحت ثالثا ، فهي زوجة الثالث . وإن قلنا بالثاني ، فالحكم بخلافه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 90 ] قلت : ينبغي أن يقال : الأصح : أنه إن جرى فسخ من الحاكم ، انفسخ أيضا باطنا ، وإلا ، فلا . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية