صفحة جزء
فرع

إذا قلنا بالتوقف ، فمات أحدهما ، وقفنا من تركته ميراث زوجه . ولو ماتت ، وقفنا ميراث زوج بينهما حتى يصطلحا أو يبين الحال ، وفي وجوب نفقتها في مدة التوقف ومدة الحبس قبل الفسخ إذا قلنا به ، وجهان . أحدهما : لا ، لعدم التمكين ، والأصل البراءة . والثاني : نعم ، لصورة العقد وعدم النشوز مع حبسها . والأول أصح عند الإمام . وبالثاني قطع ابن كج . فإن أوجبنا ، وزعت عليهما . فإن تعين السابق ، رجع الآخر عليه بما أنفق . قال أبو عاصم : ويحتمل أن يقال : إنما يرجع إذا أنفق بغير إذن الحاكم ، وبهذا قطع ابن كج ، وأما المهر ، فلا يطالب به واحد منهما .

فرع

جميع ما سبق ، هو فيما إذا تصادقوا في كيفية جريان العقد . أما إذا تنازعوا ، وادعى كل زوج سبقه ، وأنها زوجته ، فينظر ، إن لم يدعيا عليها ، لم يعتبر قولهما ، ولا تسمع دعوى أحدهما على الآخر ، ولا يحلف أحدهما الآخر . هكذا قاله الجمهور . وقال الصيدلاني والعبادي في الرقم : يحلفان فلعله يظهر الحق . قال الإمام : هذا لا مجال له إن زعما علم المرأة بالحال ، بل تراجع هي . فإن اعترفا بأنها لم تعلم ، فهو محتمل وينقدح في البداءة تخيير القاضي أو الإقراع . فإن حلفا [ ص: 91 ] أو نكلا ، فهو كما لو اعترفا بالإشكال . وإن حلف أحدهما فقط ، قضي له . وإن ادعيا على المرأة ، فذاك ضربان . أحدهما : أن يدعيا علمها بالسبق . فإن كانت الصيغة : إنها تعلم سبق أحد النكاحين ، لم تسمع الدعوى ، للجهل . وإن قال كل واحد : هي تعلم أن نكاحي سابق ، فقال صاحب التقريب والشيخ أبو محمد وغيرهما : يبنى على القولين في إقرار المرأة بالنكاح ، هل يقبل ؟ فإن لم يقبل ، لم تسمع الدعوى ، إذ لا فائدة . وإن قلنا : تقبل وهو الأظهر ، سمعت . وحينئذ ، إما أن تنكر ، وإما أن تقر .

الحالة الأولى : أن تنكر العلم بالسبق ، فتحلف عليه . وهل يكفي لهما يمين واحدة ، أم يجب يمينان ؟ قال البغوي : يمينان . وقال القفال : إن حضرا وادعيا ، حلفت يمينا ، وهو مقتضى كلام ابن كج . وقال الإمام : إن حضرا ورضيا بيمين ، كفت . وإن حلفها أحدهما ، ثم حضر الآخر ، فهل له تحليفها ؟ وجهان ، لأن القضية واحدة ، ونفي العلم بالسبق يشملهما . فإذا حلفت كما ينبغي ، فقيل : لا تحالف بين الزوجين ، وقد أفضى الأمر إلى الإشكال ، وضعفه الإمام وقال : إنما حلفت على نفي العلم بالسبق ، ولم تنكر جريان أحد العقدين على الصحة ، فيبقى التداعي والتحالف بينهما . والذي أنكرناه ابتداء التحالف من غير ربط الدعوى بها ، وبهذا قطع الغزالي . وإن نكلت هي ، رددنا اليمين عليهما . فإن حلفا أو نكلا ، جاء الإشكال ، وإلا فيقضى للحالف ، وإذا حلفا ونكلا ، فلا شيء لهما عليها . وفي كتاب الحناطي وجه : أنهما إذا حلفا واندفع النكاحان ، فلكل واحد عليها مهر المثل ، وهو ضعيف . ويمينها - حلفت أو نكلت - تكون على البت دون نفي العلم ، ولا حاجة إلى التعرض لعلمها .

الحالة الثانية : أن تقر لأحدهما بالسبق ، فيثبت النكاح ( له ) . وفي سماع دعوى الثاني عليها وتحليفها قولان بناء على أنها لو أقرت للثاني بعد إقرارها للأول هل تغرم للثاني ؟ وفيه القولان السابقان في الإقرار لعمرو بدار أقر بها لزيد [ ص: 92 ] أولا . فإن قلنا : تغرم ، سمعت الدعوى وحلفها ، وإلا ، فقولان بناء على أن يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه كإقرار المدعى عليه ، أو كبينة يقيمها المدعي ؟ وفيه قولان . أظهرهما : كالإقرار . فعلى هذا ، لا تسمع دعواها ، لأن غايتها أن تقر أو يحلف هو بعد نكولها ، وهو كإقرارها ، ولا فائدة فيه على هذا القول . وإن قلنا : كالبينة ، فله أن يدعي ويحلفها . فإن حلفت ، سقطت دعواه . وإن نكل ، ردت اليمين عليه . فإن نكل ، فكذلك . وإن حلف ، بني على أن اليمين المردودة كالإقرار ، أم كالبينة ؟ إن قلنا : كالإقرار ، فوجهان . أحدهما : يندفع النكاحان ، لتساويهما في أن مع كل واحد إقرارا . وحكي هذا عن نصه في القديم . وأصحهما : استدامة النكاح للأول ، ولا يرتفع بنكولها المحتمل للتورع ، فيصير كما لو أقرت للأول ، ثم للثاني . وإن قلنا : كالبينة . فقيل : يحكم بالنكاح للثاني ، لأن البينة تقدم على الإقرار . وبهذا قطع في " المهذب " . وقال الصيدلاني وآخرون : الصحيح استدامة النكاح للأول ، لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة في حق الحالف والناكل ، لا في حق غيرهما .

وإذا اختصرت قلت : هل يندفع النكاحان ، أم تسلم للأول ، أم للثاني ؟ فيه أوجه . إن سلمت للأول ، غرمت للثاني ، وحيث تغرم ، نغرمها ما يغرم شهود الطلاق إذا رجعوا ؟ وفيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى .



فرع

لو كانت خرساء ، أو خرست بعد التزويج ، فأقرت بالإشارة بسبق أحدهما ، لزمها الإقرار ، وإلا ، فلا يمين عليها ، والحال حال الإشكال ، حكي هذا عن نصه . [ ص: 93 ] فرع

حلفت لأحدهما : لا تعلم سبقه ، لا تكون مقرة للآخر ، ولو قالت لأحدهما : لم يسبق ، كانت مقرة للآخر ، كذا قاله الإمام والبغوي . والمراد إذا جرى ذلك بعد إقرارها بسبق أحدهما ، وإلا ، فيجوز أن يقعا معا ، فلا تكون مقرة بسبق الآخر .

الضرب الثاني : أن يدعيا عليها زوجية مطلقة ، ولا يتعرضا لسبق ، ولا لعلمها به ، فهذا يبنى على أن دعوى النكاح هل يشترط فيها التفصيل وذكر الشروط ؟ وبيانه في كتاب الدعوى والبينات . فإن سمعنا دعوى النكاح مطلقة ، أو فصلا القدر المحتاج إليه ، ولم يتعرضا للسبق ، لزمها الجواب الحازم ، ولا يكفيها نفي العلم بالسابق ، لكنها إذا لم تعلم ، فلها الجواب الجازم والحلف أنها ليست زوجته ، وهذا كما إذا ادعى على رجل أن أباه أتلف كذا ، وطلب غرمه من التركة ، حلف الوارث أنه لا يعلم أن أباه أتلف .

ولو ادعى ( أن ) عليه تسليم كذا من التركة ، حلف أنه لا يلزمه التسليم . وعدم العلم يجوز له الحلف الجازم .

فرع

هذا كله إذا كانت الدعوى على المرأة . فإن ادعيا على الولي ، فإن لم يكن مجبرا ، لم تسمع الدعوى ، لأن إقراره لا يقبل . وإن كان مجبرا ، فوجهان . أحدهما : كذلك ، لأنه كالوكيل . وأصحهما : تسمع ، لأن إقراره مقبول ، ومن قبل إقراره ، توجهت عليه الدعوى واليمين ، فعلى هذا إن كانت صغيرة ، حلف الأب . وإن كانت كبيرة ، فوجهان . أحدهما : لا يحلف ، للقدرة على تحليفها . وأصحهما : يحلف . [ ص: 94 ] ثم إن حلف الأب ، فللمدعي أن يحلف البنت أيضا . فإن نكلت ، حلف اليمين المردودة ، وثبت نكاحه . وفي " التهذيب " : أن المرأة إذا كانت بالغة ، بكرا أو ثيبا ، فالدعوى عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية