صفحة جزء
[ المسألة ] الرابعة : إذا زوجت برجل ، ثم ادعت أن بينها وبينه محرمية ، بأن قالت : هو أخي من الرضاع ، أو كنت زوجة أبيه ، أو ابنه ، أو وطئني أحدهما بشبهة ، نظر ، أوقع التزويج برضاها أم لا ؟

الحالة الأولى : زوجت برضاها به بأن كانت ثيبا ، أو زوجها أخ أو عم ، أو زوجها المجبر برضاها ، فلا يقبل دعواها والنكاح ماض على الصحة ; لأن إذنها فيه يتضمن حلها له ، فلا يقبل نقيضه . لكن إن ذكرت عذرا كغلط أو نسيان ، سمعت دعواها على المذهب فتحلفه .

[ ص: 244 ] الحالة الثانية : زوجت بغير رضاها لكونها مجبرة ، فوجهان .

أصحهما وبه قال ابن الحداد ونقله الإمام عن معظم الأصحاب : أنه يقبل قولها بيمينها ، ويحكم باندفاع النكاح من أصله ; لأن قولها محتمل ولم تعترف بنقيضه ، فصار كقولها في الابتداء : هو أخي لا يجوز تزويجها به .

والثاني قاله الشيخ أبو زيد واختاره الغزالي ، وحكي عن اختيار ابن سريج : لا يقبل قولها استدامة للنكاح الجاري على الصحة ظاهرا ولئلا تتخذه الفاسقات ذريعة إلى الفراق .

واحتج الشيخ أبو علي للأول وهو الأصح عنده أيضا ، فإن الشافعي - رحمه الله - نص على أنه لو باع الحاكم عبدا أو عقارا على مالكه الغائب بسبب اقتضاه ، ثم جاء المالك وقال : كنت أعتقت العبد أو وقفت العقار أو بعته ، صدق بيمينه ، ونقض بيع القاضي ، ورد اليمين على المشتري ، بخلاف ما لو باعه بنفسه أو توكيله ، ثم ادعى ذلك ، فإنه لا يقبل لأنه سبق منه نقيضه ، ومقتضى حكايته أنه لا خلاف في صورة بيع الحاكم ، لكن الإمام حكى فيها قولين ، ولو زوج بنته أو أمته ثم ادعى الأب أو السيد محرمية بينها وبين الزوج ، لم يلتفت إلى قوله ; لأن النكاح حق الزوجين . قال الشيخ أبو علي : ولو قال بعد تزويجه أمته : كنت أعتقتها ، حكم بعتقها ، ولا يقبل قوله في النكاح ، وكذا لو أجر العبد ثم قال : كنت أعتقته ، ويغرم للعبد أجرة مثله ; لأنه أقر بإتلاف منافعه ظلما ، كمن باع عبدا ثم قال : كنت غصبته لا يقبل قوله في البيع ، ويغرم قيمته للمقر له . والخلاف في الحالة الثانية ، في أنها هل تصدق بيمينها ؟ وأما دعواها ، فتسمع بلا خلاف . ولو قامت بينة ، حكم بها بلا خلاف . والكلام في الحالة الأولى ، في رد الدعوى من أصلها ، وأن الإذن والرضى بالتزويج إنما يؤثر إذا أذنت في تزويجها بشخص معين .

[ ص: 245 ] أما إذا أذنت في النكاح مطلقا وقلنا : لا حاجة إلى تعيين الزوج ، فزوجها الولي برجل ، ثم ادعت محرمية ، فالحكم كما إذا زوجت مجبرة ; لأنه ليس فيه اعتراف بجهالة .

ولو زوج الأخ البكر وهي ساكتة ، اكتفي بصماتها على الأصح ثم ادعت محرمية ، قال الإمام : الذي ارتضاه العراقيون ، أن دعواها مسموعة . قال : لكن لا تصدق بيمينها .

التالي السابق


الخدمات العلمية