صفحة جزء
فصل

التطوعات التي لا تتعلق بسبب ، ولا وقت ، لا حصر لأعدادها ، ولا الركعات الواحدة منها . فإذا شرع في تطوع ، ولم ينو عددا ، فله أن يسلم من ركعة ، وله أن يسلم من ركعتين فصاعدا . ولو صلى عددا لا يعلمه ، ثم سلم ، صح . نص عليه في ( الإملاء ) . ولو نوى ركعة ، أو عددا قليلا ، أو كثيرا ، فله ذلك . ولنا وجه شاذ : أنه لا يجوز أن يزيد على ثلاث عشرة بتسليمة واحدة ، وهو غلط . ثم إذا نوى عددا ، فله أن يزيد ، وله أن ينقص . فمن أحرم بركعة ، فله جعلها عشرا . أو بعشر ، فله جعلها واحدة ، بشرط تغيير النية قبل الزيادة ، والنقصان . فلو زاد أو نقص قبل تغير النية عمدا ، بطلت صلاته . مثاله : نوى ركعتين ، فقام لثالثة بنية الزيادة ، جاز . ولو قام قبلها عمدا ، بطلت صلاته . وإن قام ناسيا ، عاد وسجد للسهو وسلم . فلو بدا له في القيام أن يزيد . فهل يشترط العود إلى القعود ثم يقوم منه ، أم له المضي ؟ وجهان . أصحهما : الأول ، ثم يسجد للسهو في آخر صلاته . ولو زاد ركعتين سهوا ، ثم نوى إكمال أربع ، صلى ركعتين أخريين . وما سها به لا يحسب . ولو نوى أربعا ، ثم غير نيته ، وسلم عن ركعتين ، جاز . ولو سلم قبل تغيير النية عمدا ، [ ص: 336 ] بطلت صلاته . وإن سلم ساهيا ، أتم أربعا ، وسجد للسهو . فلو أراد بعد السلام أن يقتصر على الركعتين ، سجد للسهو وسلم ثانيا ، فإن سلامه الأول غير محسوب . ثم إن تطوع بركعة ، فلا بد من التشهد . وإن زاد على ركعة ، فله أن يقتصر على تشهد في آخر صلاته . وهذا التشهد ركن . وله أن يتشهد في كل ركعتين ، كما في الفرائض الرباعية . فإن كان العدد وترا ، فلا بد من التشهد في الأخيرة أيضا . وهل له أن يتشهد في كل ركعة ؟ قال إمام الحرمين : فيه احتمال ، والظاهر جوازه . واعلم أن تجويز التشهد في كل ركعة ، لم يذكره غير الإمام ، والغزالي . وفي كلام كثير من الأصحاب ما يقتضي منعه .

قلت : ( الصحيح المختار ) ، منعه ، فإنه اختراع صورة في الصلاة لا عهد بها . والله أعلم .

وأما الاقتصار على تشهد في آخر الصلاة ، فلا خلاف في جوازه . وأما التشهد في كل ركعتين ، فذكره العراقيون وغيرهم ، وقالوا : هو الأفضل ، وإن جاز الاقتصار على تشهد . وذكر صاحب ( التتمة ) ، و ( التهذيب ) وجماعة : أنه لا يجوز الزيادة على تشهدين بحال . ولا يجوز أن يكون بين التشهدين أكثر من الركعتين ، إن كان العدد شفعا وإن كان وترا ، لم يجز بينهما أكثر من ركعة . والمذهب : جواز الزيادة كما قدمناه . وحكى صاحب ( البيان ) وجها : أنه لا يجلس إلا في آخر الصلاة ، وهو شاذ منكر . ثم إن صلى بتشهد ، قرأ السورة في الركعات كلها ، وإن صلى بتشهدين ، فهل يقرأ فيما بعد التشهد الأول ؟ فيه القولان في الفرائض .

والأفضل : أن يسلم من كل ركعتين ، سواء كان بالليل أو بالنهار . ولو نوى صلاة تطوع ، ولم ينو ركعة ، ولا ركعات ، فهل يجوز الاقتصار على ركعة ؟ قال صاحب ( التتمة ) : فيه وجهان ، بناء على ما لو نذر صلاة مطلقة ، هل يخرج عن نذره بركعة ، أم لا بد من ركعتين ؟ وينبغي أن يقطع بالجواز .

[ ص: 337 ] قلت : إنما ذكر صاحب ( التتمة ) الوجهين في أنه : هل يكره الاقتصار على ركعة ، أم لا يكره ؟ وجزم بالجواز ، كما جزم به سائر الأصحاب . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية