صفحة جزء
الشرط الرابع : نية الاقتداء . فمن شروط الاقتداء : أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء ، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة ، وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه ، فإن ترك نية الاقتداء ، انعقدت صلاته على الأصح . وعلى هذا لو شك في أثناء صلاته في نية الاقتداء نظر إن تذكر قبل أن يحدث فعلا على متابعة الإمام لم يضر ، وإن تذكر بعد أن أحدث فعلا على متابعته بطلت صلاته ، لأنه في حال الشك له حكم المنفرد ، وليس له المتابعة . حتى لو عرض هذا الشك في التشهد الأخير ، لا يجوز أن يقف سلامه على سلام الإمام . وهذا الذي ذكرنا من بطلان صلاته بالمتابعة - هو إذا انتظر ركوعه وسجوده ليركع [ ص: 366 ] ويسجد معه . فأما إذا اتفق انقضاء فعله ، مع انقضاء فعله فهذا لا يبطل قطعا . لأنه لا يسمى متابعة . والمراد : الانتظار الكثير . فأما اليسير فلا يضر . وهل تجب نية الاقتداء في الجمعة ؟ وجهان . الصحيح : وجوبها . والثاني : لا ، لأنها لا تصح إلا بجماعة فلم يحتج إليها .

فرع

لا يجب على المأموم أن يعين في نيته الإمام ، بل يكفي نية الاقتداء بالإمام الحاضر ، فلو عين فأخطأ ، بأن نوى الاقتداء بزيد ، فبان عمرا ، لم تصح صلاته . كما لو عين الميت في صلاة الجنازة وأخطأ ، لا تصح . ولو نوى الاقتداء بالحاضر ، واعتقد زيدا فكان غيره ، ففي صحته وجهان . كما لو قال : بعتك هذا الفرس فكان بغلا .

قلت : الأرجح صحة الاقتداء . والله أعلم .

فرع

اختلاف نية الإمام والمأموم فيما يأتيان به من الصلاة ، لا يمنع صحة الاقتداء ، فيجوز أن يقتدي المؤدي بالقاضي وعكسه ، والمفترض بالمتنفل وعكسه .

[ ص: 367 ] فرع

لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة ، سواء اقتدى به الرجال أو النساء . وحكى أبو الحسن العبادي عن أبي حفص البابشامي ، والقفال : أنه تجب نية الإمامة على الإمام . وأشعر كلامه بأنهما يشترطانها في صحة الاقتداء ، وهذا شاذ منكر ، والصحيح المعروف الذي قطع به الجماهير أنها لا تجب . لكن هل تكون صلاته صلاة جماعة ينال بها فضيلة الجماعة إذا لم ينوها ؟ وجهان . أصحهما : لا ينالها لأنه لم ينوها . وقال القاضي حسين : فيمن صلى منفردا ، واقتدى به جمع ولم يعلم بهم ، ينال فضيلة الجماعة ، لأنهم نالوها بسببه ، وهذا كالتوسط بين الوجهين .

ومن فوائد الوجهين أنه إذا لم ينو الإمامة في صلاة الجمعة ، هل تصح جمعته ؟ الأصح : أنها لا تصح . ولو نوى الإمامة وعين في نيته المقتدي فبان خلافه لم يضر ، لأن غلطه لا يزيد على تركها .

التالي السابق


الخدمات العلمية