صفحة جزء
فصل

ليس لمستحق القصاص استيفاؤه إلا بإذن الإمام أو نائبه ، وعن أبي إسحاق ومنصور التميمي أن المستحق يستقل بالاستيفاء كالأخذ بالشفعة وسائر الحقوق .

والصحيح المنصوص الأول ، وسواء فيه قصاص النفس والطرف ، وإذا استقل به عزر ، لكنه لا غرم عليه ، ويقع عن القصاص ، ولو استقل المقذوف باستيفاء حد القذف بإذن القاذف ، أو بغير إذنه ، ففي الاعتداد به وجهان .

فإن قلنا : لا يعتد به ، ترك حتى يبرأ ثم يحد ، ولو مات منه ، وجب القصاص إن جلده بغير إذنه ، وإن كان بإذنه ، فلا قصاص .

وفي الدية خلاف ، كما لو قتله بإذنه ، ثم إذا طلب المستحق أن يستوفي القصاص بنفسه ، فإن لم يره أهلا له كالشيخ والزمن والمرأة ، لم يجبه ، وأمره أن يستنيب ، وإن رآه أهلا له ، فإن كان المطلوب قصاص النفس ، والطالب الولي ، فوضه إليه بخلاف الجلد في القذف لا يفوض إلى المقذوف ، لأن تفويت النفس مضبوط ، والجلدات يختلف موقعها .

والتعزير كحد القذف ، وإن كان المطلوب قصاص الطرف ، والطالب المجني عليه ، فوجهان .

أحدهما : يفوضه إليه كالنفس ، لأن إبانة الطرف مضبوطة ، وأصحهما : المنع ، لأنه لا يؤمن أن يردد الحديدة ، ويزيد في الإيلام .

فرع .

يستحب للإمام أن يحضر الاقتصاص عدلين متيقظين ، ليشهدا إن أنكر المقتص ، ولا يحتاج إلى القضاء بعلمه إن كان الترافع إليه .

[ ص: 222 ] فرع .

يتفقد الإمام السيف ، ويقتص بصارم لا كال ، فلو كان الجاني قتل بكال ، فهل يقتص بكال أم يتعين الصارم ؟ وجهان .

أصحهما : الأول ، وإذا لم نجوز بالكال ، فبان بعد الاستيفاء كلاله ، عزر المستوفي .

فرع .

يضبط الجاني في قصاص الطرف ، لئلا يضطرب ، فيؤدي إلى استيفاء زيادة .

فرع .

إذا أذن للولي في ضرب الرقبة ، فأصاب غيرها ، واعترف بأنه تعمد ، عزر ، وكذا لو ادعى الخطأ فيما لا يقع الخطأ بمثله ، بأن ضرب رجله أو وسطه ، لكن لا يمنع من الاستيفاء ، ولا يعزل ، لأنه أهل له ، وإن تعدى بفعله ، كما لو جرحه قبل الارتفاع إلى الحاكم ، لا يمنع من الاستيفاء ، وفيه وجه ، أو قول ضعيف : أنه يعزل ، ويؤمر بالاستنابة ، لأنه لا يؤمن أن يتعدى ثانيا ، ولو ادعى الخطأ فيما يمكن فيه الخطأ ، بأن ضرب كتفه ، أو رأسه مما يلي الرقبة ، حلف ، ولا يعزر إذا حلف ، لكن يعزل ، لأن حاله يشعر بعجزه وخرقه .

وحكي قول ، أو وجه : أنه يعذر بالخطأ ولا يعزل ، قال الإمام : وهذا الوجه ينبغي أن يكون مخصوصا بما إذا لم يتكرر الخطأ منه ، ولم يظهر خرقه .

فإن ظهر فليمنع بلا خلاف ، قال : وعزله على الصحيح ينبغي أن يكون مخصوصا بمن لم تعرف مهارته في ضرب الرقاب ، فأما الماهر فينبغي أن لا يعزل بخطأ اتفق له بلا خلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية