صفحة جزء
الطرف الثالث : وفي قدر الواجب ، فما كان مثليا ضمن بمثله . وما كان متقوما ، فبالقيمة .

وفي ضبط المثلي أوجه ، أحدها : كل مقدر بكيل أو وزن فهو مثلي ، وينسب هذا إلى نص الشافعي رضي الله عنه ، لقوله في المختصر : وما له كيل أو وزن ، فعليه مثل كيله أو وزنه . والثاني : يزاد مع هذا جواز السلم فيه . والثالث : زاد القفال وآخرون اشتراك جواز بيع بعضه ببعض . والرابع : ما يقسم بين الشريكين من غير تقويم . والخامس ، قاله العراقيون : المثلي ما

[ لا ] تختلف أجزاء النوع منه في القيمة ، وربما قيل في الجرم والقيمة . ويقرب منه قول : من [ ص: 19 ] قال : المثلي : المتشاكل في القيمة ومعظم المنافع . وما اختاره الإمام ، هو تساوي الأجزاء في المنفعة والقيمة ، فزاد المنفعة ، واختاره الغزالي ، وزاد من حيث الذات لا من حيث الصنعة . والوجه الأول منقوض بالمعجونات . والثالث : بعيد عن اختيار أكثر الأصحاب لأنهم أعرضوا عن هذا الشرط ، وقالوا : امتناع بيع بعضه

[ ببعض ] لرعاية الكمال في حال التماثل بمعزل عما نحن فيه . والرابع : لا حاصل له ، فإنه منتقض بالأرض المتساوية ، فإنها تنقسم كذلك ، وليست مثلية : والخامس : ضعيف أيضا منتقض بأشياء ، فالأصح الوجه الثاني ، لكن الأحسن أن يقال : المثلي : ما يحصره كيل أو وزن ، ويجوز السلم فيه ، ولا يقال : مكيل أو موزون ، لأن المفهوم منه ما يعتاد كيله ووزنه ، فيخرج منه الماء وهو مثلي ، وكذا التراب وهو مثلي على الأصح .

ويحصل من الخلاف اختلاف من الصفر ، والنحاس ، والحديد ، لأن أجزاءها مختلفة الجواهر ، وكذا في التبر ، والسبيكة ، والمسك ، والعنبر ، والكافور ، والثلج ، والجمد ، والقطن ، لمثل ذلك . وفي العنب والرطب وسائر الفواكه الرطبة لامتناع بيع بعضها ببعض ، وكذا الدقيق . والأصح : أنها كلها مثلية . وفي السكر والفانيذ والعسل المصفى بالنار ، واللحم الطري ، للخلاف في جواز بيع كل منها بجنسه ، وفي الخبز ، لامتناع بيع بعضه ببعض ، وأيضا الخلاف في جواز السلم فيه . وأما [ ص: 20 ] الحبوب ، والأدهان ، والألبان والسمن ، والمخيض ، والخل الذي ليس فيه ماء ، والزبيب ، والتمر ، ونحوها ، فمثلية بالاتفاق . والدراهم والدنانير الخالصة مثلية . ومقتضى العبارة الثانية جريان خلاف فيها ؛ لأن في السلم فيها خلافا سبق .

قلت : الصواب المعروف الذي قطع به الأصحاب : أنها مثلية . والله أعلم .

وفي المكسرة الخلاف في التبر والسبيكة ، وأما الدراهم والدنانير المغشوشة ، فقال المتولي : إن جوزنا المعاملة بها فمثلية ، وإلا فمتقومة .

التالي السابق


الخدمات العلمية