صفحة جزء
فصل

إذا غصب مثليا وتلف في يده ، والمثل موجود ، فلم يسلمه حتى فقد أخذت منه القيمة . والمراد بالفقدان : [ أن ] لا يوجد في ذلك البلد وحواليه على ما سبق في انقطاع المسلم فيه ، وفي القيمة المعتبرة أحد عشر وجها . أصحها : يجب أقصى القيم من يوم الغصب إلى الإعواز . والثاني : أقصاها من الغصب إلى التلف . والثالث : أقصاها من التلف إلى الإعواز ، وربما بني هذان الوجهان على أن الواجب عند إعواز المثل هل هو قيمة المغصوب لأنه الذي أتلف على المالك أم قيمة المثل لأنه الواجب عند التلف ، وفيه وجهان لأبي الطيب ابن سلمة . والرابع : أقصاها من الغصب إلى تغريم القيمة والمطالبة بها . والخامس : أقصاها من الإعواز إلى المطالبة . والسادس : أقصاها من تلف المغصوب إلى المطالبة . والسابع : قيمته يوم التلف . والثامن : يوم الإعواز ، اختاره أبو علي الزجاجي ، بضم الزاي ، والحناطي ، بالحاء المهملة ، والماوردي ، وأبو خلف السلمي . والتاسع : يوم المطالبة . والعاشر : إن كان منقطعا في جميع البلاد فقيمة يوم الإعواز . وإن فقد هناك فقط ، فقيمة يوم الحكم بالقيمة . والحادي عشر : حكي عن الشيخ أبي حامد إن ثبت عنه : قيمة يوم [ ص: 21 ] أخذ القيمة ، لا يوم المطالبة ، ولو غصب مثليا فتلف والمثل مفقود ، فالقياس : أنه يجب على الوجه الأول . والثاني : أقصى القيم من الغصب إلى التلف . وعلى الثالث والسابع والثامن : [ قيمة ] يوم التلف وأن يعود . والرابع والسادس والتاسع بحالها . وعلى الخامس أقصى القيم من التلف إلى يوم التقويم . والعاشر بحاله .

قلت : والحادي عشر بحاله . والله أعلم .

ولو أتلف لرجل مثليا بلا غصب ، وكان المثل موجودا فلم يسلمه حتى فقد ، فعلى الوجه الثاني : قيمة يوم الإتلاف . وعلى الأول والثالث : أقصى القيم من الإتلاف إلى الإعواز . وعلى الرابع : من الإتلاف إلى التقويم . والقياس عود الأوجه الباقية . ولو أتلفه والمثل مفقود فالقياس أن يقال : على الأوجه الثلاثة الأوائل والسابع والثامن : تجب قيمة يوم الإتلاف . وعلى الرابع والخامس والسادس : أقصى القيم من الإتلاف إلى التقويم . وعلى التاسع : قيمة يوم التقويم . وعلى العاشر : إن كان مفقودا في جميع البلاد ، فيوم الإتلاف ، وإلا فيوم التغريم .

فرع

متى غرم الغاصب أو المتلف القيمة لإعواز المثل ، ثم وجد المثل ، هل للمالك رد القيمة وطلب المثل ؟ وجهان . أصحهما : لا .

قلت : ويجريان ، في أن الغاصب والمتلف ، هل لهما رد المثل وطلب القيمة . والله أعلم . [ ص: 22 ]

فرع

في أن المثلي هل يؤخذ مثله مع اختلاف الزمان والمكان

أما المكان ، فإذا غصب مثليا ونقله إلى بلد آخر ، كان للمالك أن يكلفه رده ، وله أن يطالبه بالقيمة في الحال للحيلولة . ثم إذا رده الغاصب رد القيمة واسترده . فلو تلف في البلد المنقول إليه ، طالبه بمثله حيث ظفر به من البلدين لتوجه الطلب عليه برد العين في الموضعين . فإن فقد المثل غرمه [ قيمة ] أكثر البلدين قيمة . ولو أتلف مثليا أو غصبه وتلف عنده في بلد ، ثم ظفر به في آخر ، هل له مطالبته بالمثل ؟ فيه ثلاثة أوجه .

الصحيح الذي قطع به الأكثرون : إن كان مما لا مؤنة لنقله كالدراهم والدنانير ، فله المطالبة بالمثل ، وإلا لم يكن له طلب المثل ، ولا للغارم تكليفه قبوله لما فيه من الضرر ، وللمالك أن يغرمه قيمة بلد التلف ، فإن تراضيا على المثل ، لم يكن له تكليفه مؤنة النقل .

والوجه الثاني : يطالبه بالمثل . وإن لزمت مؤنة وزادت القيمة كما لو أتلف مثليا في وقت الرخص ، له طلب المثل في الغلاء .

والثالث : إن كانت قيمة ذلك البلد لا تزيد على قيمة بلد التلف طالبه بالمثل ، وإلا فلا . وإذا قلنا بالمنع ، فأخذ القيمة ، ثم اجتمعا في بلد التلف هل للمالك رد القيمة وطلب المثل ؟ وهل لصاحبه استرداد القيمة وبذل المثل ؟ فيه الوجهان فيما لو غرم القيمة لإعواز المثل . ولو نقل المغصوب المثلي إلى بلد ، وتلف هناك ، أو أتلفه ثم ظفر به المالك في بلد ثالث وقلنا : إنه لا يطالب بالمثل في غير موضع التلف ، فله أخذ قيمة أكثر البلدين قيمة . وأما إذا اختلف الزمان ، فله المطالبة بالمثل وإن زادت القيمة ، وليس له إلا ذلك وإن نقصت القيمة . هذا كله إذا لم يخرج المثل باختلاف الزمان والمكان عن أن يكون له قيمة ومالية . فأما إن خرج بأن أتلف ماءه في مفازة ، ثم اجتمعا على شط نهر أو في بلد ، أو أتلف عليه الجمد في الصيف واجتمعا في الشتاء ، فليس للمتلف بذل المثل ، بل عليه قيمة المثل في مثل تلك المفازة [ وفي الصيف ، وإذا غرم القيمة ثم اجتمعا في مثل تلك المفازة ] أو في الصيف ، [ ص: 23 ] فهل يثبت التراد ؟ فيه الوجهان . وأما المسلم إليه والمقترض إذا ظفر به المالك في بلد آخر ، ففي مطالبته كلام سبق في كتاب السلم .

قلت : ولو قال المستحق : لا آخذ القيمة بل أنتظر وجود المثل ، فله ذلك ، نقله في البيان ، ويحتمل أن يجيء فيه الخلاف في أن صاحب الحق إذا امتنع من قبضه ، هل يجبر ، ويمكن الفرق . ولو لم يأخذ القيمة حتى وجد المثل تعين قطعا . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية