صفحة جزء
كتاب الشفعة

فيه ثلاثة أبواب .

الأول : فيما تثبت به الشفعة . وله ثلاثة أركان .

الأول : المأخوذ ، وله ثلاثة شروط .

الأول : أن يكون عقارا قال الأصحاب : الأعيان ثلاثة أضرب . أحدها : المنقولات ، فلا شفعة فيها سواء بيعت وحدها أو مع الأرض . الثاني : الأرض ، ثبتت الشفعة فيها سواء بيع الشقص منها وحده أم مع شيء من المنقولات .

الثالث : ما كان منقولا ثم أثبت في الأرض للدوام كالأبنية والأشجار ، فإن بيعت منفردة فلا شفعة فيها على الصحيح ، وإن بيعت الأرض وحدها ، ثبتت الشفعة فيها وصار الشفيع معه كالمشتري . وإن بيعت الأبنية والأشجار مع الأرض ، إما صريحا وإما على قولنا : تستتبعها . ثبتت الشفعة فيها تبعا للأرض .

فلو كان على الشجرة ثمرة مؤبرة ، وأدخلت في البيع بالشرط ، لم تثبت فيها الشفعة ، لأنها لا تدوم في الأرض ، فيأخذ الشفيع الأرض والنخيل بحصتها . وإن كانت غير مؤبرة ، دخلت في البيع شرعا ، وهل للشفيع أخذها ؟ وجهان أو قولان . أصحهما : نعم . فعلى هذا ، لو لم يتفق الأخذ حتى تأبرت أخذها أيضا على الأصح . والثاني : لا يأخذها . فعلى هذا فيما يأخذ به الأرض والنخل ؟ وجهان . أصحهما : بحصتها من الثمن كالمؤبرة . والثاني : بجميع الثمن ، تنزيلا له منزلة عيب يحدث . وإن كانت النخل حائلة عند البيع ، ثم حدثت الثمرة قبل أخذ الشفيع ، فإن كانت مؤبرة ، لم يأخذها ، وإلا أخذها على الأظهر ، وإذا بقيت الثمار للمشتري لزم الشفيع إبقاؤها إلى الإدراك . وهذا إذا بيعت الأشجار مع البياض المتخلل لها ، [ ص: 70 ] أو بيع البستان كله . أما إذا بيعت الأشجار ومغارسها فقط ، أو بيع الجدار مع الأس فلا شفعة على الأصح ، لأن الأرض تابعة هنا ، والمتبوع منقول .

فرع

إذا باع شقصا فيه زرع لا يجز مرارا [ وأدخله في البيع بالشرط أخذ الشفيع الشقص بحصته من الثمن ولا يأخذ الزرع . وإن كان مما يجز مرارا ] ، فالجزة الظاهرة لا تدخل في البيع المطلق كالثمرة المؤبرة ، والأصول كالأشجار .

فرع

[ ما ] دخل في مطلق بيع الدار من الأبواب والرفوف ، والمسامير ، تؤخذ بالشفعة تبعا ، كالأبنية ، وكذا الدولاب الثابت في الأرض ، سواء أداره الماء أم غيره ، بخلاف الدلو والمنقولات . ولو باع شقصا من طاحونة ، وقلنا : يدخل الحجر الأسفل والأعلى في البيع ، أخذ الأسفل بالشفعة ، وفي الأعلى وجهان كالثمار التي لم تؤبر .

الشرط الثاني : كون العقار ثابتا . فلو باع شقصا من غرفة مبنية على سقف لأحدهما أو لغيرهما ، فلا شفعة ، إذ لا قرار لها . فلو كان السقف المبني عليه مشتركا أيضا ، فلا شفعة على الأصح لما ذكرناه . ولو كان السفل مشتركا والعلو لأحدهما ، فباع صاحب العلو نصيبه من السفل ، فوجهان . أحدهما : أن الشريك يأخذ السفل ونصف العلو بالشفعة ، لأن الأرض مشتركة وعلوها تابعها . وأصحهما : لا يأخذ إلا السفل . ولو كان بينهما أرض مشتركة فيها شجر لأحدهما ، فباع صاحب الشجر الشجر ونصيبه من الأرض ، فعلى الوجهين .

الشرط الثالث : كونه منقسما ، فالعقار الذي لا يقبل القسمة ، لا شفعة فيه [ ص: 71 ] على المذهب ، وهو قوله الجديد . وقيل : تثبت . ومنهم من حكاه ، قولا قديما . والمراد بالمنقسم : ما يجبر الشريك على قسمته إذا طلب شريكه القسمة . وفي ضبطه أوجه . أحدها : أنه الذي لا تنقص القسمة قيمته نقصا فاحشا ، حتى لو كانت قيمة الدار مائة ، ولو قسمت عادت قيمة كل نصف ثلاثين ، لم تقسم . والثاني : أنه الذي ينتفع به بعد القسمة بوجه ما . أما ما لا يبقى فيه نفع بحال ، فلا يقسم . وأصحهما الثالث : أنه الذي إذا قسم أمكن أن ينتفع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة ، ولا عبرة بإمكان نفع آخر . إذا عرف هذا ، فلو كان بينهما طاحونة أو حمام ، أو بئر أو نهر ، فباع أحدهما نصيبه ، نظر ، إن كان المبيع كبيرا بحيث يمكن جعل الطاحونة ثنتين لكل واحدة حجران ، والحمام حمامين ، أو كل بيت منه بيتين ، والبئر واسعة يمكن أن يبنى فيها فيجعل بئرين لكل واحدة بياض يقف فيه المستقي ويلقي فيه ما يخرج منها ، ثبتت الشفعة فيها . وإن لم يمكن ذلك وهو الغالب من هذه الأنواع ، فلا شفعة على الأصح .

وعلى الوجهين الآخرين ، لا يخفى الحكم . ولو اشترك اثنان في دار صغيرة ، لأحدهما عشرها وللآخر باقيها ، فإن أثبتنا الشفعة فيما لا ينقسم ، فأيهما باع فلصاحبه الشفعة ، وإن منعناها فباع صاحب العشر فلا شفعة لصاحبه . وإن باع صاحب الكبير فلصاحبه الشفعة على الأصح تفريعا على الأصح : أن صاحب الأكثر يجاب إلى القسمة . ولو كان حول البئر بياض وأمكنت القسمة بجعل البئر لواحد والبياض لآخر ليزرعه أو يسكن فيه ، أو كان موضع الحجر في الرحى واحدا ، ولكن فيها بيت يصلح لغرض ، وأمكنت القسمة بجعل موضع الرحى لواحد وذلك البيت لآخر ، فقال جماعة : تثبت الشفعة وأن هذه البئر من المنقسمات ، وهذا تفريع على الإجبار في هذا النوع من القسمة . وعلى أنه لا يشترط فيما يصير لكل واحد إمكان الانتفاع [ به ] من الوجه الذي كان . [ ص: 72 ]

فرع

شريكان في مزارع وبئر يستقى منها ، باع أحدهما نصيبه منهما ، ثبت للآخر الشفعة فيهما إن انقسمت البئر أو أثبتنا الشفعة فيما لا ينقسم ، وإلا فتثبت في المزرعة قطعا ، ولا تثبت في البئر على الأصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية