صفحة جزء
وليس للمضارب نفقة إلا بشرط فإن شرطها له وأطلق فله جميع نفقته من المأكول والملبوس بالمعروف ، وإن اختلفا رجع في القوت إلى الإطعام في الكفارة ، وفي الملبوس إلى أقل ملبوس مثله ، وإن أذن له في التسري فاشترى جارية ملكها وصار ثمنها قرضا ، نص عليه .


( وليس للمضارب نفقة ) لأنه دخل على أنه يستحق من الربح شيئا ، فلم يستحق غيره إذ لو استحقها لأفضى إلى اختصاصه به حيث لم يربح سوى النفقة ( إلا بشرط ) نص عليه كوكيل ، وقال الشيخ تقي الدين : أو عادة ، ولأن في [ ص: 28 ] تقديرها قطعا للمنازعة ( فإن شرطها له ) قال أحمد في رواية الأثرم : أحب إلي أن يشترط نفقة محدودة ، وله ما قدر له من مأكول ، وملبوس ، ومركوب وغيره ( وأطلق ) صح ، نص عليه ( فله جميع نفقته من المأكول والملبوس بالمعروف ) لأنه كذلك تجب لمن تجب عليه نفقته ، ونص أحمد أنه يستحق المأكول فقط إلا أن يطول سفره ، ويحتاج إلى تجديد كسوة ، فإنه يجوز ، قاله في " المغني " و " الشرح " ونقل حنبل : ينفق على معنى ما كان ينفق على نفسه غير متعد بالنفقة ، ولا مضر بالمال ، ولم يذهب إلى تقديرها ; لأن الأسعار تختلف ( وإن اختلفا رجع في القوت إلى الإطعام في الكفارة ، وفي الملبوس إلى أقل ملبوس مثله ) وقاله أبو الخطاب ; لأنه العادة ، فينصرف الإطلاق إليه كما انصرف إليه في الإطعام في الكفارة ، والأولى أن يرجع فيهما إلى قوت مثله ، وملبوس مثله كالزوجة ، جزم به في " المحرر " .

مسألة : لو كان معه مضاربة ثانية ، أو مال لنفسه ، فالنفقة على قدر المالين إلا أن يشرط أحدهما النفقة من ماله مع علمه بذلك ، فلو لقيه ببلد أذن في سفره إليه ، وقد نض المال فله نفقة رجوعه في وجه ، وجزم في " الشرح " بخلافه ; لأنه إنما يستحقه ما دام في القراض ، وقد زال فزالت .

( وإن أذن له في التسري فاشترى ) من مال المضاربة ( جارية ملكها ) لأن رب المال قد أذن له في التسري ، والإذن فيه يستدعي الإذن في الوطء ; لأن البضع لا يباح إلا بملك ، أو نكاح ( وصار ثمنها قرضا ) في ذمته ( نص عليه ) لأن رب المال لم يوجد منه ما يدل على تبرعه به ، فوجب كونه قرضا ; لأنه المتيقن [ ص: 29 ] ونقل يعقوب اعتبار تسمية ثمنها ، وعنه : له التسري بإذنه ، أي يكون ملكا له مجانا ، واختار أبو بكر الأول ، وهو عند القاضي رواية واحدة .

تنبيه : إذا وطئ جارية من المال عزر ، نص عليه ، وقيل : يحد قبل الربح ، ذكره ابن رزين ، وذكر غيره إن ظهر ربح عزر ، ويلزمه المهر ، وقيمتها إن أولدها ، وإلا حد عالم ، ونصه يعزر ، ويسقط من المهر والقيمة قدر حق العامل ، وليس لرب المال وطء الأمة ، ولو عدم الربح لأنه ينقصها إن كانت بكرا ، أو يعرضها للخروج من المضاربة والتلف ، فإن فعل فلا حد عليه ، فإن أحبلها صارت أم ولد له ، وهو حر ; لأنها ملكه ، وتخرج من المضاربة ، وتحسب قيمتها ، ويضاف إليه بقية المال ، فإن كان فيه ربح فللعامل حصته منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية