صفحة جزء
ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب ، فإن رد حل ، فإن لم تعلم الحال فعلى وجهين ، والتعويل في الرد والإجابة إن لم تكن مجبرة ، وإن كانت مجبرة فعلى الولي .


( ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه ) الخطبة بالكسر : خطبة الرجل المرأة ، وبالضم : حمد الله تعالى ، ولو ذميا في ذمية ( إن أجيب ) تصريحا لما روى [ ص: 15 ] ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه متفق عليه ; ولأن فيه إيقاع العداوة بين الناس ، وقال أبو حفص العكبري : هي مكروه ، كأنه ذهب إلى قول أحمد في رواية صالح : أكرهه ، ورد بأن ظاهر النهي التحريم ; ولذلك حمله عليه القاضي ; لتصريحه به في رواية ابن مشيش ، فإن ارتكب النهي صح العقد على الأصح ، كالخطبة في العدة ، وقياس قول أبي بكر لا يصح كالبيع ، ورد بأن المحرم لم يقارن العقد ، فلم يؤثر في صحته ، وكذا الأشهر لو أجيب تعريضا ، إن علم ; لعموم النهي .

والثانية : يجوز ; لحديث فاطمة ، قال في " الشرح " : ولا حجة فيه ، ( فإن رد حل ) ; لما روت فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أن معاوية وأبا جهم خطباها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أما معاوية ، فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم ، فلا يضع العصا عن عاتقه ، انكحي أسامة بن زيد متفق عليه .

( فإن لم تعلم الحال ) هل أجيب أم لا ( فعلى وجهين ) أحدهما : لا يجوز ; لعموم النهي ، والثاني : بلى ، وهو ظاهر نقل الميموني ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن الأصل عدم الإجابة ، ومثله : لو ترك الخطبة ، أو أذن له ، أو سكت عنه ، وظاهره : أنه لو كان الأول ذميا لم تحرم الخطبة على خطبته ، نص عليه ، كما لا ينصحه ، وقال ابن عبد البر : هو حرام أيضا ; لأنه خرج مخرج الغالب ، ورد بأن لفظ النهي خاص بالمسلم ، وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله ، وليس الذمي كالمسلم ، ولا حرمته كحرمته ، وظاهر كلامهم يقتضي جواز خطبة المرأة على خطبة أختها ، [ ص: 16 ] وصرح في " الاختيارات " بالمنع ، ولعل العلة تساعده ( والتعويل في الرد والإجابة ) عليها ( إن لم تكن مجبرة ) أحق بنفسها من وليها ، ولو أجاب الولي ورغبت هي عن النكاح كان الأمر أمرها ، ( وإن كانت مجبرة فعلى الولي ) ; لأنه يملك تزويجها بغير اختيارها ، فكان العبرة به لا بها ، وفي " المغني " : إذا كرهت المجبرة المجاب ، واختارت غيره - سقط حكم إجابة وليها ; لأن اختيارها مقدم على اختياره ، وإن كرهته ، ولم تختر سواه فينبغي أن تسقط الإجابة أيضا ، قال ابن الجوزي : في قول عمر : فلقيت عثمان ، فعرضت عليه حفصة - يدل على أن السعي من الأب للأيم في التزويج ، واختيار الأكفاء غير مكروه ، بل هو مستحب .

التالي السابق


الخدمات العلمية