صفحة جزء
فصل

القسم الثاني : فاسد ، وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : ما يبطل النكاح ، وهو ثلاثة أشياء ، أحدها : نكاح الشغار ، وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ، ولا مهر بينهما ، فإن سموا مهرا ، صح ، نص عليه ، وقال الخرقي : لا يصح .


فصل

( القسم الثاني : فاسد وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : ما يبطل النكاح ، وهو ثلاثة أشياء ، أحدها : نكاح الشغار ) قيل : سمي به لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول ، يقال : شغر الكلب ، إذا فعل ذلك ، وقيل : هو الرفع ، كأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد ، وقيل : هو البعد ، كأنه بعد عن طريق الحق ، وقال الشيخ تقي الدين : الأظهر أنه من الخلو ، يقال : شغر المكان إذا خلا ، ومكان شاغر : أي : خال ، وشغر الكلب : إذا رفع رجله ; لأنه أخلى ذلك المكان من رجله ، وقد فسره الإمام أحمد بأنه فرج بفرج ، فالفروج كما لا توهب ولا تورث ، فلأن لا يعارض بضع ببضع أولى ; ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر ، فلم يصح ، كبعتك ثوبي بمائة على أن تبيعني ثوبك بمائة ، ( وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما ) فهذا باطل ; لما روى نافع ، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار ، والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق متفق عليه ، وأبو داود جعل تفسيره من كلام نافع ، وعن ابن عمر مرفوعا ، قال : لا شغار في الإسلام رواه مسلم ، وروي نحوه من حديث عمران بن حصين ، وأنس ، وجابر ، والنهي يدل على الفساد ، والنفي لنفي الحقيقة الشرعية ; ويؤيده فعل الصحابة . قال أحمد : روي عن عمر وزيد أنهما فرقا فيه ، وصرح أبو الخطاب وجمع - رواية ببطلان الشرط ، وصحة العقد من نصه في رواية الأثرم [ ص: 84 ] إذا تزوجها بشرط الخيار ، أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا ، وإلا فلا نكاح أن النكاح جائز ، الشرط باطل ; إذ فساد التسمية لا يوجب فساد العقد ، كما لو تزوجها على خمر ونحوه ، فعلى هذا يجب مهر المثل ( فإن سموا مهرا ) مستقلا غير قليل حيلة ( صح ، نص عليه ) وعليه أكثر الأصحاب ; لحديث ابن عمر إذ التفسير إن كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - فظاهر ، وإن كان من نافع فهو راوي الحديث بما لا يخالف ظاهره ، فيقع ، وقيل : يصح بمهر المثل ( وقال الخرقي ) وأبو بكر في " الخلاف " ، وحكاه في " الجامع " رواية : إنه ( لا يصح ) ; لما روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته ، وأنكحه عبد الرحمن ابنته ، وقد كانا جعلا صداقا ، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما ، وقال : هذا الشغار الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ، وأبو داود ، وجوابه بأن أحمد ضعفه من قبل ابن إسحاق ، وبأنه يحمل على أنهما كانا جعلا صداقا قليلا حيلة ، وحكى المجد قولا وصححه أنه لا يصح مع قوله : وتضع كل واحدة مهر الأخرى فقط للتصريح بالتشريك المقتضي للبطلان ، وقد صرح القاضي ، وابن عقيل ، والمؤلف ، أنه متى صرح بالتشريك لا يصح النكاح ، قولا واحدا ، فهذه الصورة عندهم مخرجة من محل الخلاف ، وظاهر كلام ابن الجوزي يصح معه بتسمية ، وذكر الشيخ تقي الدين وجها اختاره : أن بطلانه لاشتراط عدم المهر ، ومتى قلنا بصحة العقد إذا سميا صداقا ، فقيل : تفسد التسمية ، ويجب مهر المثل ، وقيل : يجب المسمى وهو المذهب ، فإن سمى لإحداهما صداقا دون الأخرى ، فسد نكاحهما عند أبي بكر والأولى أنه يفسد في التي لم يسم لها صداقا ، وفي الأخرى روايتان .

[ ص: 85 ] مسألة : إذا قال : زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك ، ويكون رقيقها صداقا لابنتك - لم يصح تزويج الجارية ، وإذا زوج ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها ، صح ، وإن زوج عبده امرأة ، وجعل رقبته صداقا لها ، صح النكاح ، ووجب مهر المثل .

التالي السابق


الخدمات العلمية